من دفتر وطن .. عبد الفتاح العوض يكتب: شبه صديق
غيرت مواقع التواصل الاجتماعي مفهوم الصديق… وجود أسماء في قائمة الأصدقاء يتشاركون الأفكار رغم عدم معرفة حقيقية.. إنها صداقة الفيس وإخوانه.
العرب أكثر من اختلفوا في مفهوم الصداقة.. صاحب كتاب الصديق والصداقة يقول: «ينبغي أن تثق أنه لا صديق ولا من يتشبه بالصديق.
وسئل أحد الحكماء ما الصديق؟ فقال: «لفظ بلا معنى» وسئل آخر فأجاب «بعض أسماء العنقاء. حتى إن علي بن ظافر الأزدي ألّف كتاباً تحت عنوان: «شفاء الغليل في ذم الصاحب والخليل»، بالمقابل كانت هناك وجهات نظر أخرى تعلي من شأن الصداقة سواء من الربط اللغوي بين الصدق والصداقة أم من خلال تبني ما قاله أرسطو عن تعريف الصديق بأنه «هو آخر هو أنت» أو بالتعبير الأخاذ «قلب تضمنه جسمان».
العرب أيضاً قسموا العلاقات بين الناس، إلى معارف وأصدقاء وإخوان، لكن في عالم التواصل الاجتماعي اختلطت هذه الحدود وتحول الجميع تحت عنوان الأصدقاء وأغلبيتهم من حيث الواقع ليسوا أصدقاء.
فما الذي يجمع هذا الخليط المتنوع والمختلف في بيت الصداقة؟
أرسطو لديه ثلاثة أنواع للصداقة.. المنفعة والمتعة والفضيلة… وعندما نتحدث عن الفضيلة هنا يعني الحديث عن الأفكار.
البعض يرى أن الصداقة تشابه وتقارب، ويقولون: «كيف يؤانسك من لا يجانسك» وفي أغلب الأحيان يتحدثون هنا أن الصداقة تحتاج إلى طول عِشرة، فكيف يمكن أن تستمر العِشرة إن كانت ملأى بالخلافات في الآراء وعدم التشارك بالاهتمامات، يرى هؤلاء صديقي من يقاسمني همومي واهتماماتي، وثمة مقولة جميلة لجعفر الخلدي: «مجالسة الأضداد ذوبان الروح، ومجالسة الأشكال تلقيح العقول، بينما يرى آخرون بأن الخلاف لا يفسد الود، وأن الصداقة تكامل وليست تشابهاً.
في الإسلام التشابه بين الأصدقاء ضروري ففي القرآن: (الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلا الْمُتَّقِينَ)، وفي السنة النبوية مقارنة بين الصديق حامل الطيب وبين الصديق نافخ الكير.
الجاحظ له رأي هنا يقول فيه: إذا كانت نفسك التي أخص النفوس بك لا تعطيك المقادة في كل ما تريد فكيف بنفس غيرك.
ما أريد أن أقوله هنا: إن الصداقة على وسائل التواصل الاجتماعي ملأى بالتنوع والاختلاف، ولعل الفائدة الأساسية أنها تعلمنا أن نعرف ونتعرف إلى وجهة النظر الأخرى لكنها بالوقت نفسه أربكت مفهوم الصداقة وحولته إلى إشارة جديدة في الفيس بوك على سطح شاشتك.
لا أدري إن كنت من المؤمنين بالصداقة أو من الذين لا يرون أن القصة ليست إلا مجرد مشاركة اهتمامات، لكن بين الدول لا شك أنه لا صداقات دائمة، بل مصالح ومصالح.
أقوال:
– الصداقة ليست شيئاً كبيراً، الصداقة ملايين الأشياء الصغيرة
– فاهجر صديقك إن خفت الفسادَ به
إن الهجاءَ لمبدوءٌ بتشبيب
– والكفُّ تقطع إِن خيف الهلاك بها
على الذراعِ بتقدير وتسبيب
– النُساء كالحكام، قلما يجدن أصدقاء مُخلصين.
– صديقك كفاية حاجتك وهو مائدتك وموقدك.