عبد الفتاح العوض يكتب : أنا لا أشبه ظلي
ثمة بيت شعر ساحر للجواهري قاله وهو في الثمانين من العمر يعبر عن النفس البشرية بأعمق وأبلغ بيان، يقول الجواهري:
سبحان من جمع الضدين في خلدي
فرط الشجاعة في فرط من الجبن
القصة هنا ليس الحديث عن الشجاعة والجبن، إنما الحديث عن هذا التناقض المعبّر عن الذات البشرية والصراعات الداخلية التي يعيشها كل منا.
قد تقولون: هذا شاعر والشعراء يتبعهم الغاوون وهم أيضاً يقولون ما لا يفعلون، ما رأيكم لو ننتقل لنتحدث عن علماء النفس.
مارسلو الشهير بالهرم يعتبر أن التقاط التوازن بين تناقضات الشخصية هو نجاح في تحقيق الذات وهو أعلى الهرم، بينما يتحدث يونغ عن الأجزاء المظلمة في الإنسان وبتعبير فرويد العقل الباطن.
المسألة يعرفها كل شخص حاول أن يقرأ ذاته يعرف كم الأشياء المتناقضة داخله والتي يفاجأ هو نفسه أحياناً من شدة تباعدها وحدية لونيها بين الأبيض والأسود وتدرجات لا تكاد تدرك.
كل منا يعرف عن نفسه وبنفسه حجم التناقضات التي تختبئ فيه، قسم منا تتصارع هذه الذوات وتخلق منه شخصية فيها الكثير من القلق وما يتبعه، وقسم منا ينجح في أوقات ما وربما في عمر متأخر ينجح في إجراء مصالحة بين هذه التناقضات الحادة ويجمعها في قلبه وفي روحه وفي سلوكه.
وقليل منا من ينجح في ذلك.
لعل إدراكنا لهذه التناقضات وتصالحنا معها يجعل الإنسان باقة من الأشياء المختلفة والملونة لكنها بالنهاية باقة جميلة.
على كل وأياً كان سواء تصالحنا مع أنفسنا أم اختلفنا معها فإن هذه التناقضات هي سمة البشر وعلينا أن نتكيف معها وإن لم ننجح في ذلك سندخل في صراع أو في حرب دائمة مع النفس.
لا أدري إن كان استنتاجي صحيحاً، وأعبر عنه: نحن لا نشبه ظلنا، لأن فينا أكثر من مجرد ذات ولو كان ظلنا يشبهنا لكان كل منا غابة من ظلال.
أقوال:
– لدي ندوب في يدي من لمس بعض الناس.
– الفضيلة هي الوسيط الذهبي بين رذيلتين، واحدة تتعلق بالإفراط والأخرى بالنقصان. «أرسطو».
– الإنسان يُولد طيباً ولكنه يفسد في المجتمع. «روسو».
– الإنسان هو الحيوان الوحيد الذي يشعر بالخجل من نفسه. «نيتشه».