فيس بوك أيام زمان ... الحيطان دفاتر العشاق بحلب ...
راجت في حلب ظاهرة كتابة ذكريات العشاق على جدران المدارس والحدائق، على اعتبارها محطات مهمة في حياة المحبين، بينما تراجعت الظاهرة أخيرا على مقاعد الحدائق لسرقة أخشابها بغرض التدفئة.
لاجئ سوري في المانيا طلب من صديق له في حلب أن يصور الذكرى التي خطها على أحد جدران حديقة السبيل في أول لقاء مع محبوبته ليرسلها لها الى السويد.
وعلى الرغم من أن الكتابة على الجدران والمقاعد ظاهرة عالمية ترتبط بالمشاعر الإنسانية وطرق التعبير عنها، وهي مقترنة بثقافة وهوية المجتمعات، إلا أن لها خصوصية مميزة في حلب، لارتباط الذكريات التي تخلدها بسنوات الحرب التي طحنت المدينة، وكذلك بتداعيات الهجرة والنزوح والتغريبات المتعاقبة للأهالي.
ويحبذ النشء الجديد اختيار جدران المدارس ومقاعدها لتسطير مخطوطاتهم، لارتباطها بذكريات الطفولة ومشاعر المراهقة والأفكار المتحررة.
طلاب في المدينة الجامعية، أعربوا عن حسرتهم ل "صاحبة الجلالة" من استبدال القضبان المعدنية بالحائط المحيط بالمدينة الجامعية، الأمر الذي ضيّع ذكرياتهم المخطوطة على الجدران، والتي عمرها بعمر علاقتهم ومعرفتهم بالعشق والهيام.
وعزا بعضهم انتقال الظاهرة من أحياء شرق المدينة الى نظيرتها في شطرها الغربي، إلى نزوح سكان المناطق الأولى الى الثانية جراء احتدام الحرب فيها واتيانها على ذكرياتهم المختلجة في قلوبهم والمنقوشة على جدران بيوتهم المهدمة بفعل الارهاب.
ومن الأمثلة الرائجة عبارات ورسوم تدلل على معاني وقيم الحب والغرام، مثل 'بحبك موت" و"أنت لي" و"معا الى الأبد"، ويختصر بعض العشاق أسماءهم بذكر الحرف الأول من إسم كل منهم، سواء باللغة العربية أو الانكليزية، مع تفضيل رسم قلب الحب.
بعيدا عن مشاغل المدينه و في ريف حلب الشرقي، ذكر شهود عيان في إحدى القرى الواقعة على طريق عام حلب- الرقة، قصة حب خالدة بين شاب وشابة، خلداها لسنوات على لوحة الدلالة الطرقية الخاصة بالقرية بعبارة "أنا واياكي لأخر العمر"، قبل أن تطمسها صور أحد مرشحي دائرة ريف المحافظة لعضوية مجلس الشعب في دوره التشريعي الرابع، الذي جرت انتخاباته أخيرا!.
وفي الواقع، تعدّ الظاهرة شحيحة في أرياف حلب، على اعتبار أن الأهالي يعرفون بعضهم بعضا، ويمكن أن تتسبب قصص العشق بفضائح أو جرائم شرف، في حال التحقق من هوية المحبين، الذين يمتنعون عن نقش كل ما يدل على شخصيتهم، وبأي طريقة وفي أي مكان.