كتب د.عدي سلطان المواصلات في دمشق وريفها رحلة معاناة لاتنتهي
منذ سنوات طويلة، باتت المواصلات العامة في دمشق وريفها مرآة تعكس أزمات لا تنتهي، وحكايات يومية مليئة بالمعاناة والتحديات. ورغم الوعود المستمرة بتحسين الوضع، تبقى تلك الوعود حبيسة الأدراج، لتبقى حياة المواطن السوري تحت رحمة رحلة يومية أشبه بالكابوس.
مشهد الازدحام: بين الانتظار والغضب
في ساعات الصباح الباكر، عندما تشرق شمس دمشق، يبدأ المشهد ذاته في التكرار: طوابير طويلة من الناس تنتظر على الأرصفة، سيارات الأجرة محدودة ومتعبة، وحافلات مكتظة تفوق طاقتها الاستيعابية بأضعاف. المواطن يقف منتظراً لأوقات طويلة قد تصل إلى ساعة أو أكثر أحياناً، ليحظى بمكان ضيق بالكاد يتنفس فيه، وسط أجواء خانقة وأصوات الشكاوى التي تتعالى من الجميع.
نقص الأسطول وتآكل البنية التحتية
تعاني دمشق وريفها من نقص واضح في أسطول الحافلات والسيارات العامة، ومعظمها يعاني من تآكل كبير في بنيته التحتية بسبب قلة الصيانة وغياب التجديد. هذه المشكلات تؤدي إلى توقف مفاجئ للحافلات في منتصف الطريق، مما يزيد من حالة الفوضى، ويترك الركاب في حالة من اليأس والانتظار الطويل لحلول غير موجودة.
الحلول المؤقتة: محاولات يائسة
في محاولة لحل الأزمة، تتكرر التصريحات الحكومية عن نية توفير حافلات جديدة أو تعزيز خدمات النقل المشترك، ولكن على أرض الواقع، تكون هذه الحلول مؤقتة وسرعان ما تختفي آثارها بعد بضعة أسابيع. ورغم المبادرات التي تسعى لتحفيز استخدام وسائل النقل الخاصة مثل الدراجات الهوائية، تبقى هذه الحلول غير مجدية لمعظم السكان بسبب الوضع الاقتصادي الصعب والطرق غير المؤهلة.
ريف دمشق: الأزمة تتضاعف
في المناطق الريفية المحيطة بدمشق، تتفاقم المشكلة بشكل أكبر، حيث تكون الخيارات محدودة والبنية التحتية للنقل شبه معدومة. السكان يضطرون للانتظار لساعات طويلة للحصول على وسيلة نقل واحدة قد لا تتوفر إلا مرة واحدة في اليوم، مما يعطل حياتهم وأعمالهم ويزيد من مشاعر الإحباط.
الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للأزمة
لا يمكن تجاهل التأثيرات السلبية على الاقتصاد المحلي نتيجة ضعف شبكة المواصلات. تأخر الموظفين والطلاب عن أعمالهم ومدارسهم يؤدي إلى تراجع الإنتاجية، وزيادة التكاليف على الأسر التي تضطر لاستخدام وسائل نقل خاصة بأجور مرتفعة. هذا الوضع يساهم في خلق بيئة من التوتر الاجتماعي ويزيد من تذمر الناس ومطالبهم بتحسين الخدمات العامة.
هل من أمل؟
رغم كل تلك التحديات، يبقى السؤال الأهم: متى ستتحرك الجهات المعنية لحل هذه الأزمة بشكل جذري؟ أم أن المواطن في دمشق وريفها سيبقى أسير هذه المعاناة اليومية؟ إن تحسين منظومة المواصلات العامة يجب أن يكون أولوية قصوى لضمان حياة أفضل وأكثر استقراراً للجميع، قبل أن يزداد هذا السبناريو بشاعة وتعقيدا .