من دفتر الوطن.. عبد الفتاح العوض يكتب.. بزنس العلم
عبد الفتاح العوض دراسة علمية تكشف عن فوائد جديدة للقهوة.. دراسة أخرى وعلمية أيضاً تكشف أن الدراسة «العلمية» السابقة ليست صحيحة. آخر الدراسات العلمية تقول: إن الشرب من عبوات بلاستيكية لا يسبب السرطان وإن هذه «حقيقة وهمية»! بعكس دراسات سابقة كانت تعتبر الشرب من عبوات بلاستيكية يسبب السرطان، وكان أحد الأندية الأوروبية قبل عدة أيام دخل في عمل بيئي لتخفيف استخدام العبوات البلاستيكية لتزويد اللاعبين والجمهور بمياه الشرب! ثمة دراسات كثيرة تتناقض فيما بينها، وما يعتبر من هذه الحالة أنها ليست دراسات علمية! فالعلم لا يغير رأيه كل فترة. الذي يغير رأيه هنا هم الممولون.. الذي يمول الدراسة «العلمية» هو الذي يحدد اتجاهها ويصل إلى نتائجها.. ويبدو أن مجرد وضع «دراسة علمية» بداية أي مقالة أو خبر إعلامي يعطيه مصداقية من نوع خاص. ورغم تباين الدراسات العلمية واختلافها وتناقضها إلا أنها لا تزال عنوان دراسة علمية تحظى بالثقة والمصداقية، ويتم تبنيها رغم وجود شكوك في أن تكون هذه الدراسة علمية فعلاً أو أنها مجرد دراسة تجارية وهي أقرب ما تكون دعاية وإعلاناً! ثمة مفارقة مثيرة للاهتمام. معظم الدراسات العلمية تقوم بها الجامعات ومراكز أبحاث علمية ومع ذلك يحصل هذا التناقض وتبدل النتائج من دراسة إلى أخرى ومن مركز إلى آخر. لكن الأبحاث والدراسات السياسية تحصل على شك أكبر ولا يتم التعامل معها على أنها قابلة للتحقق إلا أن الواقع يقول إن كثيراً مما يحدث في عالمنا هو نتاج مراكز دراسات ونصائح أعضاء في مراكز التفكير التي تنتشر في كثير من دول العالم وخاصة في الغرب. مراكز التفكير تضع مخططات تشبه خريطة فوضى في العالم وخاصة في منطقتنا وتجتهد في تحويل تلك الأفكار المجنونة إلى واقع مجنون. كثير من المسؤولين الأكثر عداء للعرب هم أعضاء في تلك المراكز أو من أتباعها والمتأثرين بها. وكثير مما يحدث معنا وحولنا هو من الثمار الشيطانية لمراكز التفكير الشرير. وجاءت وسائل التواصل الاجتماعي لتعطي مجالاً أوسع لنشر وانتشار الدراسات العلمية «التجارية» أو للدراسات السياسية «الدموية». وفي كل الحالات فإن هذه الدراسات أصبحت تدار بطريقة ليست نزيهة. ولعل الخطر الأكبر أننا لا نملك خطة مواجهة، فلا يوجد ما يجعل من الدراسات العلمية أكثر دقة وليس لدينا مراكز علمية تضع هذه الدراسات موضع التقييم والنقد والتأكد.. وكذلك ليس لدينا مراكز تفكير تحاول أن تضع صورة للمستقبل بعيداً عن العواطف والمشاعر أو ترسم خريطة الغد بمصداقية وبواقعية. ومع كل أسف فإننا لسنا مجرد مستهلكي سلع ومستلزمات الحياة بل أيضاً نحن نستهلك الدراسات والأبحاث العلمية وغير العلمية. أكثر ما يهمنا في هذه المرحلة أن نقرأ ما بعد اليوم.. وللآن فإن هذه القراءة تتم بخطوط مبهمة وحروف ضائعة، رغم أن التفاؤل يرسم كثيراً من صور الغد إلا أن التفاؤل وحده لا يكفي لصناعة مستقبل جميل.