«ربيع» مات وربيع يولد!!
من دفتر الوطن – عبد الفتاح العوض
في مسارات التاريخ لحظات فاصلة..
وهذه اللحظة فاصلة إنها «الانقلاب الربيعي».. فـ«ربيع» مات وربيع يولد من جديد.
«الربيع» العربي السيئ الذكر يحتضر.. يحتضر بأهدافه وبأفكاره وحتى بشخوصه وأعلامه!!
نبدأ من موت «الأهداف» فعلى الأقل أعلن «الربيع» نفسه بشعارات مهمة وجذابة ومثيرة للاهتمام.. لكن بعد سبع سنوات من «الربيع» وجدنا اللافتات التي كتبت عليها هذه الشعارات «مقلوبة» رأساً على عقب.
فكل ما رفعته من شعارات تمت خيانته بشكل فاضح وعلني.. لا العدالة.. ولا التنمية.. ولا الديمقراطية.. ولا الكرامة ولا أي من المفردات اللماعة التي تزينت بها الأشجار المزيفة لـ«الربيع» العربي.
لعل التنمية أكثر الأشياء التي تهم الناس.. فعلى ذمة الأمم المتحدة خسر العرب في «ربيعهم» 614 مليار دولار وليس لدي تقديرات مناقضة لكني أتوقع أن هذا الرقم قليل جداً مقارنة بالخسائر الحقيقية للعرب في «ربيعهم».
لكن الشيء المؤكد الذي لا يمكن المجادلة به أن عدد الفقراء العرب زادوا بشكل لافت وكبير لدرجة أننا سنحتاج إلى أعوام لترميم حالة الفقر التي أصبح يعيشها الكثير منا.
إسرائيل هي الأكثر «سعادة» بالربيع العربي.. لقد بدا واضحاً كم نحن قساة مع أنفسنا «رحماء» مع إسرائيل.. هي الآن تتفرج بمتعة وهي ترى البلاد العربية مشغولة بجراحها.
الآن مؤشرات احتضار الربيع العربي بادية للعيان.. انتهى المزاج المؤيد له.. داعش وأخواتها وما تبعها ومن والاها قدمت للشعوب العربية ما ينتظرنا منها وأقساها لعنة التطرف.
والآن وقد وجد الغرب وبعض العرب أن «الصفقة» خاسرة وأن إعادة الحسابات حتمية لا يمكن تجاوزها.. فإن النهايات باتت قريبة جداً.
إن إعلان نعية «الربيع» العربي قيد الطباعة.. وإن أوراقاً جديدة تتفتح على الساحة العربية، ولعل سورية هي واحدة من المعجزات التاريخية التي جعلت من الممكن القول: إن «دولة» استطاعت أن تخرج من الجحيم وهي على قيد الأمل.
الربيع العربي الحقيقي يبدأ من دمشق.
هذا ليس شعراً بل هو قراءة واقعية لما يجري على الأرض.. لكن.. كل هذا مشروط بتغير السلوك وتعديل في التفكير وغير ذلك فإننا سندفن «ربيعنا» بأيدينا.
في القريب وفي الوقت ذاته الذي يتقبلون عزاءهم «بربيعهم»، علينا أن نقدم جدارتنا بالربيع الحقيقي القادم.. أولى أمارات الجدارة ألا نكرر الأخطاء التي ارتكبناها قبل الأزمة وأثناءها..
الربيع القادم لمن يستحقه… وهم أولئك الذين يؤمنون أن الانتقام لغة الضعفاء.
في أول أيام الربيع علينا أن نقدم ما يؤهلنا له.. علينا أن نصنع عالمنا على أسس صحيحة وجديدة وحضارية ومدنية.
تحضروا لربيعنا.. وانزعوا عنكم قيود العقل.
أشعار:
أحنُّ إلى الكأس التي شربتْ بها
وأهوى لمثواها التراب وما ضما
قدست اسمك إيه أمي
يا من حملت العمر همي
كل العواطف دون عطفك
كلها وهم بوهم.