كتب زياد غصن: ويستمر "الإصلاح" الإداري!
من سخريات العمل الحكومي هذه الأيام، أن يرسب مدير مركزي في إحدى الوزارات، مشهود له بالخبرة والكفاءة في امتحان برنامج الجدارة القيادية، هذا في الوقت الذي يتلقى فيه عرضاً من شركة عربية للعمل معها براتب شهري لم يحلم به في يوم من الأيام.
صديق آخر رُشح مؤخراً لمنصب أكاديمي، تفاجأ أن ورود اسمه في تحقيق رقابي كشاهد قد يطيح بفرصته، لذلك اضطر إلى تجنيد كل وقته ومعارفه لتبرئة ساحته.
أعتقد أن مثل هاتين الحادثتين وغيرهما تكررتا مراراً مع المعايير الجديدة المطلوبة لشغل منصب وظيفي، والتي تحرم مثلاً موظفاً بحقه عقوبة إدارية من الترشح لأي منصب، وهذا بغض النظر عن إمكانياته، خبرته، وتاريخه الوظيفي.
يكفي في مؤسساتنا الحكومية أن تعارض وزيراً أو محافظاً أو مديراً عاماً لتصبح منبوذاً وتسجل في بطاقتك الذاتية أكثر من عقوبة.
يكفي أن يكون هناك مفتش لا يأخذ بروح القانون ومرونة العمل، لتكون عرضة لعقوبة من هنا وعقوبة من هناك.
كلنا يعلم أن العديد من الكفاءات والخبرات الوطنية لم ينل بعضُها فقط عقوبات إدارية، وإنما خضعت لمحاكمات وقضت أياماً وشهوراً في السجن، إما لأنها غردت خارج سرب الفساد والفاسدين، أو أنها حاولت التفكير خارج الصندوق، أو أنها أخطأت بشكل غير مقصود في تقديرها للأمور أثناء العمل.
إذا كان عدم الثقة في آليات الترشيح والتعيين السابقة هو ما جعل الحكومة تقر معايير مشددة، فهذا يعني أيضاً أن معايير وظروف فرض العقوبات الإدارية فيما مضى من الزمن تشوبها شكوك كثيرة..
الحكومة بمعاييرها الجديدة لا تبعد فقط الكفاءات والخبرات، وإنما تفتح الباب لأنصاف الكوادر وقليلي الخبرة والتجربة ليكونوا في قيادة العمل العام، ولذلك علينا أن نتوقع كيف سيكون مستقبل البلاد مع هؤلاء...
لكن لماذا نذهب بعيداً في تفكيرنا... ما نعيشه اليوم خير شاهد على ذلك.
دمتم بخير
زياد غصن - شام إف إم