كتب زياد غصن: الكوليرا... وأخواتها
سلامات
منذ سنواتٍ، ونحن كإعلاميين وأساتذة جامعات ومهتمين، نحذر من خطورة الانتشار الواسع لظاهرة ري المزروعات بمياه الصرف الصحي جراءَ خروجِ معظم محطات المعالجة من الخدمة بفعل تداعيات الحرب.
لكن للأسف، فإن جميعَ الجهات العامة والأهلية، وتحديداً الوحدات الإدارية، كانت تعرف ذلك، وتعرف أين تتواجد المساحاتُ التي تروى بمياه الصرف الصحي، وفي بعض الحالات تعرف حتى المزارعين الذين يروون مزروعاتهم بالصرف الصحي، إنما من دون اتخاذ أي إجراء للمحافظة على صحة الناس.
لذلك كان الطبيعي أن تظهر لدينا بعض حالات الإصابة بالكوليرا، وربما ترافقها أوبئة أخرى، فالحكومة لا تعرف للأسف شيئاً عن الوضع الصحي لمواطنيها، وأزمة كورونا كانت خير شاهد على ذلك.
والحكومة لا تعرف شيئاً أيضاً عن وضع المنتجات والسلع التي تطرح في الأسواق، سواء الزراعية منها أو المصنعة، فضبط محل تجاري هنا أو مستودع هناك يمارس الغش، لا يعني أن السوق المحلية مراقبة بشكل جيد.
لا يمكنُ في مواجهة هذه الأوبئة الركون فقط إلى معطيات المستشفيات والمراكز الصحية، فالكثير من المواطنين في الأرياف البعيدة عن المدن لا يقصدون المستشفيات أو المراكز الصحية أو حتى المستوصفات لأسباب عديدة، وتالياً لا يمكن منطقياً اعتماد بيانات المستشفيات لرصد تطور أي وباء.
ثم هل هناك أطباء في المستوصفات والمراكز الصحية الموجودة في تلك الأرياف؟ وهل هي قادرة بإمكانياتها المتاحة على توصيف الحالات المرضية التي تقوم بمراجعتها؟
لنكن موضوعيين ونعترف أننا حتى في المدن الرئيسية لا نعرف الكثير على الوضع الصحي لمواطنينا، الذين فضّل القسم الأكبر منهم في موجات انتشار فيروس كورونا متابعة علاجه في المنزل.
نعم نحن بحاجة إلى إجراء مسح صحي كامل في عموم البلاد، وفي أقرب وقت ممكن، هذا إذا كانت الحكومة مهتمة بصحتنا.
زياد غصن - شام إف إم