زياد غصن يقول : من يكتب عن معاناة الناس؟
سلامات
عبثاً، يحاول المسؤولونَ الحكوميون التشكيكَ بما ينشرُ عن معاناة المواطنين على شبكات التواصل الاجتماعي. وآخر نظرياتهم العبقريةِ، أن من يكتبون عن ذلك لا يعيشون فعلياً هموم الناس، فمعظمهم يجلس في مقهى يقع في إحدى المناطق الراقية كأبي رمانة أو المزة وغيرها، ويكتب ما يمليه عليه خيالُه وحساباته الشخصية.
سنفترض أن ذلك صحيحاً... إذاً هل يرضى هؤلاء المسؤولون بالاحتكامِ إلى الصحافة التقليدية بتحليلاتِها الموضوعية، وتحقيقاتِها الاستقصائية، وحواراتِها المباشرة مع المواطنين والاقتصاديين، ومن دون مونتاج؟
إن حدث ذلك مع هامش معقول من الحرية، فإن النتيجةَ لن تكون في صالح الحكومة ومسؤوليها، وسيصبح ما ينشرُ على شبكات التواصل الاجتماعي مجرد "نزهة" أمام حقيقة ما يحدث فعلياً على الأرض.
ثم من قال للمسؤولين الحكوميين إن الكتابةَ عن همومِ المواطنينَ ونقلَ معاناتهم، يجب أن تأخذ بعين الاعتبار ظاهرةَ الفرز الطبقي، بحيث أن من يملكُ سيارةً خاصة، عليه ألا يكتبَ عن أزمة النقل، ومن لا يزال خارج دائرة الفقر، غير مسموح له أن يكتب عن الفقر، ومن لا يزال معافىً في صحته ولم يتعرض إلى أزمة صحية شديدة، يجب عليه ألا يشيرَ إلى معاناة المرضى على أبواب وعيادات المستشفيات الحكومية والخاصة.
القصة وما فيها، أن هناك في الحكومة من لا يود الاعترافَ بوجود مشكلة اقتصادية عميقة في البلاد، ولا يود الاعترافَ أيضاً بأن الناس يعانون وبشدة، وأن بعضهم باتت فعلياً على حافة الجوع، ولا يود أن يسمع أحدٌ ما بذلك خوفاً على منصبه ومنافعه المشروعة وغير المشروعة.
الشجاعةُ أن هناك من لا يزال منحازاً إلى معاناة الناس رغم كل إجراءات التضييق، والشجاعة المقابلة هو أن يعترف المسؤولون لدينا بتلك المعاناة، وبما وصلت إليه من مراحل خطيرة.
زياد غصن - شام إف إم