كتب زياد غصن: التغريبة السورية!
سلامات
يكفي ما ذهبتْ إليه الدراساتُ العلميةُ المتعلقةُ بالهجرةِ الخارجيةِ لتأكيدِ أنَّ البلادَ لديها جاليةٌ ضخمةٌ من المغتربين، قد تختلفُ التقديراتُ حول عددِ أفرادِها، إلا أنها في المحصلة تبقى كبيرةً.
فمثلاً... دراسةُ الهجرةِ الوطنيةِ التي جرتْ في العام 2008، أشارتْ إلى أنَّ موجةَ الهجرةِ الأولى، والتي تمتد فترتها الزمنية بين عامي 1880 و1914، شهدتْ هجرةَ أكثرِ من 500 ألف مهاجرٍ سوري، أي ما يزيدُ قليلاً عن ربع عددِ سكانِ البلادِ آنذاك.
أرقامٌ تعززتْ بشكلٍ واضحٍ مع موجاتِ الهجرةِ التاليةِ، والتي وصلَ عددُها على مشارفِ الأزمةِ الحاليةِ إلى موجتين، وبذلك تكونُ البلادُ، وخلالَ قرابةِ قرنٍ وأربعةِ عقودٍ، قد شهدتْ أربعَ موجاتٍ كبرى من الهجرة الخارجية.
قد تكونُ موجةُ الأزمةِ هي الأقسى والأكبر من حيثُ العددِ والتنوعِ، لكنَّ باقي الموجاتِ لم تكن أقلَّ أهميةٍ مقارنةً بالظروف التي تمتْ فيها.
إذاً، نحن أمامَ جاليةٍ مغتربةٍ كبيرةِ العددِ، واسعةِ الانتشار، وقليلةِ التأثير كمجموعاتٍ مهنيةٍ واجتماعيةٍ.
سابقاً، كانت هناك مجموعةٌ من الخطواتِ الهادفةِ للاستفادةِ من إمكانياتِ المغتربين وتعزيزِ روابطهم بالوطن الأم، إلا أنَّ الأزمةَ وما تبعها من عقوباتٍ وضغوطٍ غربيةٍ، أثرتْ بشكلٍ عميقٍ على التواصلِ المباشرِ بينَ المغتربينَ ووطنِهم، لا سيما فيما يتعلقُ بالمشروعاتِ والاستثماراتِ التي يمكن للمغتربينَ تأسيسُها في البلاد أو المشاركةُ فيها.
لا يجب أن يُتركَ ملفُ المغتربينَ للظروفِ والمبادراتِ الشخصيةِ، فحاجةُ البلادِ اليومَ تفرضُ تفعيلَ ذلكَ الملفَ على عدة مستوياتٍ، تبدأ بمعالجة بعضِ الصعوباتِ والهواجسِ التي تعيقُ تواصلَ المغتربِ بوطنه، ولا تقفُ عند تحديدِ فرصِ ومجالات التعاونِ بين المغتربينَ ومؤسساتِ الدولةِ والمجتمعِ الأهلي. فالمغتربُ اليومَ ينتظرُ من الدولة خطوةً ما نحوه ليكملَ هو بقيةَ الخطواتِ.
دمتم أبناء هذه الأرض بكل خير
زياد غصن - شام إف إم