هل يستطيع القادري الضغط على عرنوس
علي عبود يكتب :
ألا يستطيع التنظيم العمالي الضغط على الحكومة ؟
تتسع الفجوة بين التنظيم العمالي والوزراء عاما بعدعام ، وعلى الرغم من ارتفاع وتيرة نبرة القيادات العمالية سواء في مداخلاتهم أم في تقاريرهم السنوية فإن استجابة الوزراء لمطالب ملايين العمال تكاد تكون صفرا مكعبا!!
ولم يختلف الأمر كثيرا في أعمال المجلس العام الأخير لنقابات العمال ، فالمحصلة مطالب مكررة ، ولا وعود بتنفيذها لا في الأمد القريب ولا بالمنظور البعيد جدا!
وإذا كانت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2011 وجدت في الحرب الإرهابية على سورية الشماعة الفعالة لتجاهل مطالب العمال فإن سنوات ماقبل الحرب لم تكن أفضل ، فما من حكومة على مدى العقود الثلاثة الماضية الا وكانت تجد الأعذار والمبررات لرفض تحسين أوضاع ملايين العمال السوريين سواء بإصلاح وتحديث مؤسسات القطاع العام بما يتيح زيادة فرص العمل والحوافز ، أو بتنفيذ آليات تردم الهوة بين الأجور والأسعار والتي ازدادات عمقا خلال الأعوام العشرة الماضية!
ولم يأت التنظيم العمالي بأي جديد عندما وصف تصريحات بعض الوزراء المعنيين حول الأوضاع المعيشية بـ “الإستفزازية” فإعلامنا انتقد ،ولا يزال ، هذه التصريحات وفندها ، بل وشرّحها واعتبرها تصريحات لامسؤولة لمسؤولين يُفترض أن يكونوا على مستوى عال من المسؤولية!
نعم .. لدى التنظيم العمالي مقترحات لتحرير العاملين بأجر من جشع التجار “والتوحش المخيف لارتفاع الأسعار” لكن ماجدواها حتى لوطرحهتا القيادات العمالية في مؤتمراتها العامة بحضور الوزراء ، بل وعلى مسمع من رئيس الحكومة أي وجها لوجه؟
لم يترك العمال في اجتماعهم الأخير شاردة أو واردة تُنغص عيش المواطن إلا وطرحوها بنبرات عالية أمام الحكومة ، ولكن السؤال الدائم : وماذا بعد؟
وعندما يُعلن رئيس اتحاد العمال بحضور الحكومة “ان واقع العاملين اليوم في الدولة بات قاسيا لتصبح المعادلة شبه مستحيلة في ظل ارتفاع أسعار سلة الإستهلاك..” فالسؤال : لماذا لايضغط التنظيم العمالي على الحكومة لتنفيذ آليات تضبط الأسواق والأسعار وتزيد القوة الشرائية لملايين الأسر السورية بما يؤمن مستلزمات معيشتها اليومي؟
وبسؤال أكثر دقة : هل التنظيم العمالي قادر أم عاجز ، أم انه قادر لكنه لايريد الضغط؟
والجواب على هكذا سؤال هوالذي يحدد مسار أي اجتماع عام للتنظيم العمالي وفيما إذا كان الوزراء سيستمرون باعتبار حضور الإجتماعات العمالية من الواجبات الشكلية تقتصر على إلقاء مداخلات أوالإجابة على تساؤلات لاتحمل أي حلول أو أي وعود قريبة بالحلول ..أو يكون الوزراء متهيبون من هكذا اجتماعات إلى حد يدفعهم لابتكار آليات تترجم مطالب ملايين العاملين بأجر ؟!!
قد نبالغ كثيرا إذا توقعنا إن بمقدور التنظيم العمالي الضغط على الحكومة ،أي حكومة، أو أي وزير في الإجتماعات العامة والدورية لاتحاد نقابات العمال ، لكن الإتحاد لديه قوة ضغط هائلة لم يستخدمها إلا في حالات نادرة جدا وتحديدا في ثمانينات القرن الماضي!
تصوروا ماذا سيحصل لو إن التنظيمين العمالي والفلاحي في مجلس الشعب تقدما بورقة عمل مفصلة تتضمن الآليات الفعالة لإنعاش الإقتصاد والإعتماد على الذات وتحسين أوضاع ملايين العاملين بأجر ؟
بل ماذا سيحصل لو أن التنظيمين فرضا تشكيل لجنة موسعة تضم خبراء وفنيين من كل الإختصاصات لوضع رؤية مستقبلية لهوية الإقتصاد السوري في تقرير مفصل يناقش في مجلس الشعب بحضور الحكومة والخروج بتوصيات ملزمة أقلها تحسين الأوضاع المعيشية للعاملين بأجر؟
لم يفعلها التنظيمان العمالي والفلاحي حتى الآن ، ولا ندري مبرراتهما لعدم فعلها في القريب العاجل ، فهما الوحيدان القادران على الضغط دستوريا على الحكومة ودفعها لتبني آليات وخطط فعالة تخدم البلاد والعباد!
(سيرياهوم نيوز1-5-2022)