عبد الفتاح العوض يكتب: جلد الذات
المجتمع السوري يجلد نفسه بقسوة ويبالغ جداً في النظرة السلبية لنفسه.. ولا أريد أن أبدو أني أغرد خارج السرب وأعرف أن البعض قد لا يوافقون على هذا الرأي..
من الواضح جداً أن سنوات الحرب حفرت عميقاً بقلوب السوريين لكن من المنصف أن نحاول أن نقرأ ما جرى كجزء من آثار حرب لعشر سنوات ولمخاوف مشروعة ولحياة معيشية بالغة الصعوبة.
لكن المجتمع لم يقبل بما يجري من أمراض ولم تستطع كل الكوارث التي تحدث بالمجتمع أن تحصل على مشروعية من الناس وما زال الإجرام والفساد والأخطاء محرمة اجتماعيا ورغم وجود الكثير منها لم يحولها إلى حالة طبيعية.
معظم السوريين يرغبون بشدة بتجاوز المرحلة الصعبة والكل بداخله الأماني بأن نطوي الصفحات السوداء التي عشناها بكل ما فيها.
ما زالت اللغة الطائفية مرفوضة في المجتمع السوري وما زال أي توجه من أي جهة يعطي ولو إشارات من هذا النوع محرماً ومحصوراً في حدود ضيقة ولا يصدر إلا من المرضى والمنبوذين.
هل الجرائم التي تحدث هنا وهناك تحوز رضا المجتمع حتى من أقرب المقربين لمن يرتكبون هذه الجرائم.. لاحظوا أنه يتم التبرؤ من المجرمين من محيطهم الاجتماعي.
فوق كل ذلك المجتمع السوري يريد أن يتجاوز المرحلة بكل ما حوته، وبدأت اللغة تصبح أقل قسوة من السنوات السابقة.
مع كل هذا ثمة سؤال مشروع هل ما يتم تصويره في المجتمع في الدراما وفي الإعلام وفي وسائل التواصل الاجتماعي هو تزوير وكذب؟
الجواب بالنفي.. كثير منه يحدث لكن ما يجري نقله يأتي تحت قاعدة إعلامية معروفة بأن الكلب إذا عض رجلاً ليس خبراً إنما الخبر إن عض الرجل كلباً… لكن الذي حدث أنه جرت المبالغة بتعميم السواد وتصويره على أنه هو الحالة العامة وليس الحالة الشاذة.
إن جلد الذات بهذه الطريقة ليس عملاً حكيماً وهو وإن كان يبدو كنوع من التطهير الذاتي لكن تأثيراته السلبية أكثر من الإيجابية.
أيها السوريون… ارحموا أنفسكم قليلاً.. نحتاج للمسات رفق أكثر من حاجتنا لجلد أنفسنا بكل الموبقات.
باختصار… لسنا ملائكة لكننا لسنا شياطين نحن بشر لم نغتسل بعد من دماء الحرب التي تلوثنا بها.
أقوال:
– تصالحوا مع أنفسكم أولاً.. ثم حاولوا أن تتصالحوا مع الكون.
– من يفكر بأفكار عظيمة، غالباً يرتكب أخطاء جسيمة.
– لا يمكن للمرء أن يعبر مرتين في ماء النهر نفسه.
– عندما لا يكون هناك أمل في المستقبل، فحتماً لن يكون هناك معنى للحاضر.
– الأشياء تتغير للأسوأ تلقائياً، إذا لم تغيرها للأفضل تصميماً بقرارنا وإرادتنا.