كتب زياد غصن: أنا فقط أنتظر الموت!
سلامات
ذات يوم وقبل عدة سنوات، وبينما كنت أسير في أحد شوارع دمشق، التقيت بالصحفي المخضرم عادل حديدي، سألته عن حاله وأحواله، فقال لي عبارة حفرت عميقاً في أعماقي: لا شيء مهم يا صديقي.. أنا فقط أنتظر الموت.
وفعلاً بعد شهر تقريباً من لقائنا توفي أحد أهم كتاب التحقيقات في صحيفة تشرين عادل حديدي، ثم لحق به زملاء كثر، كان لهم بصمات مهنية في تاريخ الإعلام السوري، رحلوا بصمت، ومن دون أن يكترث أحد لما قدموه.
واليوم هناك العديد من متقاعدي الدولة، ممن خدموها، ولسنوات طويلة، بشرف وإخلاص، ينتظرون الموت، إما ضيقاً بما آلت إليه أوضاعهم المعيشية والاجتماعية في هذا الزمن، وإما بسبب المرض والتقدم بالعمر.
وبالعموم، فإن هذه الشريحة كانت الأكثر تعرضاً للضرر خلال سنوات الحرب، وما قادت إليه من تدهور في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، هذا في وقت كانت -ولا تزال- فيه البلاد تفتقد لأي مشروعات وطنية تعنى بأحوال هذه الشريحة وهمومها، وتوفر لهم دخلاً إضافياً يسند معاشاتهم التقاعدية الضئيلة غير القادرة على مواجهة أعباء الحياة المتغيرة نحو الأسوأ يوماً بعد يوم.
قد يكون مشروع التأمين الصحي للمتقاعدين، والذي طرح منذ فترة قريبة، بمنزلة بارقة أمل أولى لمزيد من الاهتمام بأوضاع هذه الشريحة وتخفيف معاناتها مع الضغوط المعيشية، لكن إلى الآن لم ير هذا المشروع النور، وما يخيف أن يجد طريقه إلى التأجيل والتأجيل كما حدث مع مشروعات كثيرة بحجة عدم توفر الموارد المالية.
عندما نثير ملف المتقاعدين وظروف حياتهم، فنحن لا نطالب بتأسيس نوادٍ اجتماعية ورياضية مجانية لهم، ولا بتنظيم رحلات استجمام وسياحة بأسعار رمزية، وإنما فقط نطالب ألا نكون نحن وأرذل العمر عليهم.
زياد غصن - شام إف إم