عبد الفتاح العوض يكتب.. كثر الإعلاميون وقلّ الإعلام
في السنة الأولى في الصحافة كدت أن أترك الدراسة بسبب أن أحد الكتب المترجمة التي بدأ تدريسها لنا على عجل اعتبر أن مهمة الصحافة تشبه عمل كلاب الحراسة… احتاج الأمر لجهد حتى أفهم أن التعبير الإنكليزي مختلف عما فهمته حينها. بعقلي الريفي الحوراني اسم الكلب كلب حتى لو كان حراسة أو غيره. هذه المقدمة للنسيان.. الموضوع يبدأ هنا.
من الصعب أن أتحدث عن الإعلام بحيادية.. لكني سأحاول.
في انتظار قانون إعلام جديد فإن الإعلام السوري أو بالأحرى الإعلاميون السوريون عاشوا مظلومين.
في مدارس العالم الإعلامية تظهر على السطح نظريتان واحدة تقول إن الإعلام «سلطة» تراقب وتتابع وتكشف وتنتقد هي صوت ضمير بل «كلب حراسة» كما كان يقال عنها وهي تحرس الناس من الحكومات، ثمة حكمة سومرية تقول… المدينة التي لا توجد بها كلاب حراسة يحرسها ابن آوى… آخر كتاب ألفته هيلين توماس اللبنانية الأصل كان كلاب حراسة الديمقراطية وقد لاحظت وهي عميدة المراسلين في البيت الأبيض أن كلاب حراسة الديمقراطية تحولوا إلى كلاب أليفة.
ثم نظرية أخرى قالت إن الإعلام هو «التوعية» يعني تعليم الناس وإرشادهم وتهيئة الرأي العام، إنه ليس سلطة لا رابعة ولا خامسة هو بخدمة أهداف الدول والحكومات.
في هذي الأثناء ومدارس العالم الإعلامية تأخذ أشكالاً معدلة وهجينة جاءت السياسة والمال وأشياء أخرى فوجدت أن الإعلام يشكل حصان طروادة تدخل من خلاله لهز القناعات وزعزعة المبادئ وإثارة النعرات، وفعلاً نجحت في أن تستثمر في غريزة الإعلاميين للنقد للدخول في هذا المجال ولكن ليس من خلال صحفيين فقط، بل من خلال وسائل إعلام كبرى وذات سطوة تم العمل معها لصناعة الثقة ثم لاستغلال هذه الثقة.
فيما العالم يفكر ويطوّر في علاقته مع الإعلام لم نستطع رغم النيات الطيبة من أن نلتحق بأي من مدارس العالم بل خلقناه ضعيفاً. حتى بدا بلا سلطة عاشرة حتى وخلقناه مشوهاً وهو يمارس دور الواعظ والمرشد.. وأسوأ من كل ذلك أن الثقة التي هي كلمة السرّ لأي إعلام لم نحصل عليها. بل حتى أصحاب المهنة أنفسهم بات لديهم حس التشكيك بأنفسهم!!.
فوق كل ذلك.. هو إعلام نال سخط الناس وبالوقت ذاته لم يحصل على رضا الحكومات.
ليست القضية حالة جديدة وإن كنا في أوضاع غير مسبوقة مثل باقي المجالات بل الأمر يتعلق بحياة إعلامية اجتهدت أحياناً لكنها لم تنل علامة النجاح لدى الناس.
ثم جاء «الإعلام الشعبي» ووسائل التواصل الاجتماعي فكثر الإعلاميون وقلّ الإعلام.
شخصياً ليس لدي قلق كبير من استمرار كثرة الإعلاميين في وسائل التواصل الاجتماعي فما زلنا في المراحل الأولى من التجربة ودائماً في البدايات يكثر التجريب وتكثر الأخطاء لكن العملية تصلح نفسها بنفسها مع مرور الزمن وزيادة الخبرة.
لقد فاز الإعلام السوري في نقل الصورة للسياسة الخارجية لأنه يعبر عن سياسة واضحة المعالم لا اجتهادات كبيرة فيها. لكنه على المستوى المحلي لم يحقق لا رضا الناس ولا رضا «أعزائنا» المسؤولين.!!
النجاح بالإعلام ليس لغزاً…
أقوال:
• إن الصمت ليس سياسة.
• لا أحد يحب قيوده وإن كانت من ذهب.
• جزء من الإنترنت هو الصحافة الحرة.