زياد غصن يكتب : .. معركة الدعم الأهم! أين تكمن المشكلة الأولى للدعم الحكومي اليوم؟
في الحلقات المؤسساتية التي تسبق وصول الدعم للمواطنين؟ أم أنها في عملية الاستهداف التي تجعل من جميع السوريين مستحقين لهذا الدعم؟
منذ إثارة هذا الملف قبل خمسة عشر عاماً، والحكومات المتعاقبة تحاول توجيه الأنظار نحو شريحة مستهلكي الدعم باعتبارها جوهر المشكلة، سواء لجهة شمول الدعم جميع المواطنين بغض النظر عن أوضاعهم الاقتصادية، أو لجهة ما يشاع أحياناً على ألسنة بعض المسؤولين من أن استمرار الدعم يولد حالة من عدم التقدير لدى المستهلكين بأهميته، وتالياً حدوث هدر، وعدم استثمار صحيح للسلع والخدمات المدعومة.
وجميع المشروعات، الخطط، والقرارات الحكومية المرتبطة بملف الدعم طيلة السنوات السابقة، قبل الحرب وخلالها، تُظهر بجلاء مثل هذه النظرة.
عملياً يمكن القول: إن المشكلة الأساسية هي في الحلقات المنتجة والمقدمة للدعم، وما يشوب عملها من هدر وفساد كبيرين.
وجميعنا يعلم أن معالجة أوجه الهدر والسرقة في ملف الدعم الحكومي من شأنه تقليص الكلف العالية، وإظهار القيمة الحقيقية والفعلية لفاتورة الدعم سنوياً.
لهذا فإن مهمة معالجة الملف يجب أن تبدأ أولاً من الحلقات المنتجة والمقدمة للدعم، بما فيها الحلقات الخاصة التي تتولى عملية توريد بعض السلع المدعومة... وفي هذه المرحلة الصعبة تصبح أولوية اقتصادية يجب أن تحاسب عليها أي حكومة...
إذ لا يمكن أن تترك الحكومة فساد مؤسساتها، وتهتم بوضع معايير وأسس لحصول المواطنين على الدعم في مجتمع تقول البيانات الإحصائية عنه ما يلي:
28% من أسره اضطرت لبيع أصولها الأسرية (مثل السلع المعمرة) لشراء الطعام، فضلاُ عن تخفيض إنفاقها على المواد والخدمات غير الغذائية.
23% من أسره اضطرت لبيع الأصول المنتجة أو تلك التي تستخدم في الإنتاج (آلة خياطة، دراجة، سيارة...) للهدف نفسه..
8% من أسره باعت أرضاً أو منزلاً أو هاجر أحد أفرادها في مسعاها للتأقلم مع الظروف المعيشية الصعبة.
ومن بين كل ثلاث أسر هناك أسرة واحدة تلجأ إلى الاقتراض للتأقلم مع ظروف نقص الغذاء وتأمين متطلباتها.
53% من أسره حصلت على دعم من مصادر خارجية في العام الماضي
باختصار... مجتمع ليس فيه سوى 5 % من أسره آمنة غذائيا، والباقي إما تفتقد للأمن الغذائي أو تعيش ضمن الطبقة الهشة المهددة بالسقوط في دائرة انعدام الأمن الغذائي... مثل هكذا مجتمع يحتاج إلى زيادة الدعم وليس إلى تخفيضه!
من دون شك هناك أسر غير مستحقة للدعم، ويفترض ألا تحصل عليه، إنما الخطوة الأولى تبدأ من ضبط تكلفة إنتاج وتقديم السلعة أو الخدمة المدعومة، ومن ثم تأتي الخطوة الثانية المتمثلة في تحديد الشريحة المستحقة، وهي خطوة ليست سهلة في ضوء البيانات السابق ذكرها.
لكن قناعتي تقول: الحكومة التي لا تجد خياراً سوى رفع أسعار السلع المدعومة، وتقليص مخصصات الأفراد من تلك السلع، هي أعجز من أن تفتح معركة الهدر والفساد في ملف الدعم الحكومي...!!
فينكس