عبد الفتاح العوض يكتب : البقاء «للسوريين»
على غير ما هو شائع عبارة البقاء للأصح وللأفضل وللأذكى ليست لداروين بل لعالم اجتماع اسمه هربرت اسبنسر وفكرة نظرية الانتخاب تقوم على أن الكائنات الأكثر تكليفاً هي التي تستمر بالوجود بمن فيها البشر.
وعلى مرّ سنوات طويلة بدا كما لو كانت النظرية تتآكل مع الزمن..
الفقراء يتناسلون أكثر من الأغنياء وبالتالي يورثون صفاتهم للأولاد.. بمعنى البقاء للأفقر..
وفي الوقت الذي يعيش فيه الفقراء في حالة عوز ومرض فيموت قسم كبير منهم بينما يتمتع الأغنياء بكل فرص النجاة، فهذا يعني البقاء للأغنى.. والحقيقة أنه ليس البقاء للأغنى ولا للأفقر.
وليس البقاء للأقوى جسدياً فالبنية الجسدية للديناصورات كانت سبباً في انقراضها..
بعد الكثير من نظريات ودحض نظريات وجد العلماء أن البقاء ليس للأذكى ولا للأقوى.. ولا للأسرع بل علمياً للأكثر تكليفاً.
فكرة أن العالم يحاول أن «يهندس» نفسه ويبقي الأقوياء فقط هي فكرة قديمة.
لكنها في كل مرة تفشل لأنها تتناقض كلياً مع قوانين الطبيعة والبشر.
ما أريد أن أقوله هنا:
إن البقاء للأصلح في هذا الوقت هو البقاء للأكثر تحملاً والأكثر صبراً..
السوريون على مدى عشر سنوات تحملوا الحرب والحصار والخوف ونقص المواد وكثرة الأمراض وقلة الاحتياجات هي نفسها الأشياء الذي تحدث عنها علماء الاجتماع والأحياء بأنها تشكل مفهوم الاصطفاء الطبيعي أي إن الأشخاص الذين يعيشون هذه الامتحانات الصعبة ويمرون منها فإن مجرد تجاوزها هو نجاح باهر.
أقول هذا بعد عشر سنوات من الحرب على سورية.. سقط فيها كثيرون سقوطاً يشبه «الانقراض» انقراض الديناصورات!!
سواء بلغتهم أم بأفكارهم، ومثلما غريق يحاول أن يمسك القشة يعاودون استخدام لغة منفرة آن لها الاندثار أيضاً.
البقاء للسوريين ليس تعصباً بل اعتراف بقدرتهم على الصبر والتحمل والتكيف والجملة الأدق قدرتهم على البقاء في عالم متحول.
الدول الصغيرة عادة ما تذهب في حسابات الإمبراطوريات الكبرى في زمن انزياح القوى وتبدل موازينها… لكن الدول الذكية هي التي تستطيع أن تبقي لنفسها مكاناً في زمن اللا أمكنة.
البقاء للسوريين.. لأنكم الأفضل والأذكى والأكثر صبراً والأجدر بالبقاء.
أقوال:
– صُنع جميعنا من عجين واحد ولكننا لم نوضع في فرن واحد.
– الفن صراع بين الحكمة والجنون.
– تطلع إلى النجوم وابقِ قدميك على أ رض الواقع.