عبد الفتاح العوض يكتب... الرومانسيون إلى انقراض!
الفصل الذي تحبه يعطي انطباعاً أولياً عن شخصيتك.. ولهذا فإن محبي الشتاء عادة ما يتصفون بالرومانسية إضافة إلى صفات أخرى كثيرة.
لكن من يحب الشتاء في هذه السنوات التي وصل فيها البرد إلى شغاف القلب؟
.. صحيح أن لكل منّا فصله المفضل لكن كل هذا يتغير مع الأوضاع والأعمار. الشيء الواضح أن الرومانسية تتلاشى من حولنا... هذه المقدمة لأتحدث عن انعدام الرومانسية السياسية في العالم وسيطرة النظرية الواقعية بشكل غير مسبوق.
فحوى هذه النظرية أن الدول تحصل على نفوذها بمقدار ما تملكه من قوة.. وأن ما جرى سابقاً وما سيجري لاحقاً ليس إلى اقتسام النفوذ حسب حصتك من القوة وأسهمك من امتلاك أسبابها.
وغير ذلك مجرد خطابات ليست ذات قيمة إلا لتسلية الناس.
النظرية المثالية «الرومانسية» بتعريف مبسّط جداً هي السياسة التي تتوافق مع الأخلاق والقيم.
فيما تتحدث النظرية الواقعية عن عالم تحكمه أنواع عديدة من القوة.. قوة عسكرية- اقتصادية- ناعمة.. وغيرها.
الواضح تماماً أن العالم أصبح أقل رومانسية، والتحولات الكبرى حدثت بناء على مفاهيم وعلى غاية في الوضوح... فالأقوياء هم الذين يفرضون قوانينهم.
طبعاً هذا لا يعني أنهم على حق وغالباً لا يكونون على حق لأن القوة تحرض على الطغيان.
في السياسة الدولية ما يجري هو تقديم المصالح على المبادئ ورغم وضاعة الفكرة وقذارتها إلا أنها تسير بشكل جيد في العلاقات بين الدول.. وتكاد تصبح في كثير من الأحيان معيار العلاقات بين الناس عموماً.
الذين يتحدثون عن اختلافات السياسات الأميركية بين رئيس وآخر يتجاهلون حقيقة غير قابلة للجدل أن السياسة الأميركية تتبع النظرية الواقعية بكل إيمان بها وأن ما يظهر من تباين بين هذا وذاك هو الفارق بين أسلوب وآخر ليس أكثر.
لن أثقل عليكم بالسياسة أكثر.. أعود إلى رومانسية الفصول فأنا من محبي الشتاء ورؤية المطر وهذا الجو الساحر في لحظة علاقة السماء والأرض.
في هذه الأوضاع يصبح حب الشتاء شيئاً من الجنون.. فلا أشياء جميلة عندما يبرد القلب وما حوله.
ثم إن علاقات البشر في أغلب الأحيان افتقدت لمسات الرومانسية.
نعم الرومانسيون إلى انقراض!
أقوال:
* أصدقاؤك الذين يحبّون السير تحت المطر، لا تفرّط بهم.
* كلّ شيءٍ جميل في الشتاء عدا ارتجاف الفقراء.
* الانسحاب من حياة بعض الأشخاص لا يعني الاستسلام بل غالباً يعني أنك صمدت طويلاً من أجل شيء لا يستحق.