من دفتر وطن .. عبد الفتاح العوض يكتب:ولكن أكثر الناس لا يأملون!
في القرآن الكريم ورد في سور كثيرة « أكثر الناس لا يعلمون»، ولعل التكرار الذي يؤدي هذا المضمون جاء بأشكال مختلفة، منها حرفية أكثرهم لا يعلمون أو أكثر الناس لا يعلمون.. وبكلمات أخرى لا يشكرون.. لا يعقلون.
هذا الموضوع الذي أبدأ فيه من هذه النقطة يشكل مدخلاً لقضايا كثيرة متشابكة منها ما هو معقد جداً ومنها ما هو سلس وبسيط، الموضوع المعقد له علاقة بالديمقراطية وحكم الأكثرية أي حكم «الذين لا يعلمون».
وقد أشبعت هذه القضية نقاشاً بين من يرى أن مفهوم الديمقراطية يتناقض مع الإسلام الذي يؤمن بالشورى والفارق أن الشورى تأخذ من آراء أهل العقد والحل أو أهل الخبرة بلغة هذه الأيام، وأنك في الشورى تستمتع لآراء الثقاة وهم قلة على حين في الديمقراطية تستمتع لرأي الأكثرية.
وهناك من يرى أن الديمقراطية كمبادئ هي جزء من تعاليم الإسلام ولا يوجد تناقض بينهما.
وآخرون يعتبرون أن الإسلام والديمقراطية يلتقيان حيناً ويفترقان حيناً آخر.
لكن هذا النقاش لا نهاية له ولم يصل ولن يصل المتخالفون إلى نتيجة.
لكن الشيء الذي أريد أن أناقشه أبسط من هذا الموضوع بكثير وذلك من خلال الحديث عن الأفراد الذين يجدون أنفسهم في جهة والعالم كله في جهة أخرى، أتحدث عن القلة الفاعلة وليس عن أكثر الناس.
ثمة أفراد لديهم قناعات خاصة تختلف عن قناعات مجتمعاتهم، وهؤلاء يعيشون في غربة ولعل البعض يشعر بذلك بين الحين والآخر وكثير من ينظر إليهم بارتياب لأسباب مختلفة.
عندما تكون الاختلافات هذه من نوع السلوك فغالب الأمر أننا نتجنب ذلك ونتحاشى الوصول إلى مرحلة تسمح لهذا «المتفرد» أن يزعجنا وإن كنا لا نمانع إن أزعجه أحد ما.
الأمر على صعوبته يبقى في حدوده الطبيعية ورغم المعاناة التي يمكن أن يشعر بها الفرد في هذه الحالة إلا أنه يستطيع أن يجد حلولاً وسطية توائم بينه وبين من حوله.
لكن ثمة حالات صعبة لها علاقة بالأفكار والأشياء الجديدة التي يريد الفرد أن يغيرها فيما حوله، ولعل أشخاص على قدر كبير من المعرفة دفعوا حياتهم ثمناً لأفكارهم، بلغة أخرى ثمة أشخاص قتلتهم عقولهم، لعل من الأمثلة الأكثر شيوعاً «غاليلو» و«سقراط»..
وهنا لا أتحدث عن الشعراء أو الكتاب الذين دفعوا حياتهم ثمناً لطول ألسنتهم، فأغلبية الشعراء الذين ماتوا وخاصة العرب نتيجة لأشعارهم كانت إما بسبب التغزل بامرأة أو بسبب هجاء الملوك والسلاطين!
أتحدث عن الأفراد الذين يملكون شغف تغيير العالم من حولهم.
وفي سورية الآن ليس لدينا العدد الكبير من الأفراد الذين يملكون هذا الشغف هناك حالات هنا وهناك يملكون «الأمل» ويحركهم الأمل في أن إمكانية تغيير هذه الأحوال ممكنة وقريبة لكن حاملي الأمل ما زالوا قلة.. وأكثر الناس لا يأملون!
أقوال:
لا تستوحشوا طريق الحق لقلة سالكيه.
ليست ساعات السهر في آخر الأمر سوى حيز لا ينتهي من رفض الفكر للفكر.
إنها الوعي وقد ضاق بالوعي.
نستطيع أن نقول إن المجنون هو فرد يكون أقلية بين مجتمع يغايره في الرأي والفكر.
المقياس الوحيد في الفن هو أيهما أجمل، وفي الفكر أيهما أصلح.
الغباء بساطة وإيجاز أما الذكاء فمكر ومخاتلة.. إن الفكر الذكي فاجر فاسد، أما الغباء فمستقيم شريف.