من دفتر الوطن.. عبد الفتاح العوض يكتب.. رسائل الرئيس
في حديث السيد الرئيس بشار الأسد رسائل مباشرة وغير مباشرة للمسؤولين.. وأيضاً للمواطنين. في تحليل المضمون لأي خطاب بهذه الأهمية يتم التركيز على نقاط محددة. وقبل أن نتحدث عن ماهية الرسائل للمسؤولين والمواطنين، نقف عند السياق الزمني للحديث حيث يشغل اهتمام الشارع السوري قضايا خدمية واقتصادية بعد تراجع المعارك العسكرية ورغم أن مساحة كبيرة للهم الاقتصادي والمعيشي إلا أن المساحة الأهم وإن كانت لا تبدو الأكبر تبقى للحديث عن مستقبل سورية. وإن آفاق الحلول التي ما زال الآخرون لم ييئسوا من تعطيلها. النقطة الأخرى لها علاقة بالجمهور الذي يتلقى الخطاب وفي حالتنا فإن الجمهور ليس الموجود في القاعة فحسب، بل هو جمهور الشعب السوري في الداخل والخارج.. ولعل الرسائل للسوريين في الخارج كانت مباشرة جداً بأن الحل يتضمن المصالحات وتسليم السلاح والجملة الأكثر تأثيراً «التراجع عن الإثم». تعالوا الآن نتحدث عن الرسائل التي تلقاها المسؤولون من حديث السيد الرئيس: أولى الرسائل أن بعض «شكاوى الناس ليست مفبركة ولا مضخمة بل هي معاناة حقيقية». لدينا مسؤولون فعلاً يبدؤون بحالة الإنكار لأي مشكلة. ويتأخرون بالاعتراف بها، ثم أيضاً كرسالة مباشرة إن ما يتعرض له المسؤول من نقد هو «حالة ضرورية». وهذه دعوة مستمرة بأن قدر المسؤول أن يتلقى النقد ويتحمله ويستفيد منه. ثم إن الرسالة المباشرة أيضاً التي تشكل دوماً جزءاً من توجيهات السيد الرئيس تتضمن المكاشفة والشفافية والصراحة مع المواطن وإن عرض الحقائق للمواطنين هو السبيل الملائم للعلاقة معهم. أما الرسائل للمواطن فكانت أكثر تفصيلاً.. لعل من أهمها أن الحرب لم تنته بعد وهذا يعني أن آثارها وتداعياتها لم تنته أيضاً وعلينا أن نجتاز هذه المعاناة بالصبر نفسه الذي تجاوزنا فيه معاناة أكبر خلال السنوات السابقة. أيضاً من الرسائل للمواطن تقول بعضها: إن أسباب المعاناة هي «إهمال وتقصير وفساد وقلة أخلاق» وهذا ما يقوله المواطن الذي يحمّل المسؤولين المسؤولية عن هذه المعاناة، لكن السيد الرئيس يضيف أسباباً أخرى حقيقية لها علاقة بالحرب والحصار والإرهاب. من رسائل السيد الرئيس للمواطن ألا يكون ضحية عن حسن نية للحرب النفسية والشائعات التي ما زالت تأتي بأشكال مختلفة ولا يشارك في حفلة «الإحباط» التي تنشط في أوقات الأزمات، وهنا يتحدث السيد الرئيس عن «الانتهازيين» الذين يطفون على السطح في كل أزمة، وهنا نتحدث عن طيف واسع من الأشخاص الذين يقعون تحت هذه الخانة. قبل وبعد كل ذلك نعود إلى منهجية التفكير الأساسي للسيد الرئيس الذي يحاول بثها من زمن بعيد وهي أن عرض المشكلات سهل.. لكن الأكثر فائدة وأهمية هو عرض الحلول. هنا يعرض السيد الرئيس الوسيلة للوصول إلى الحل وتتضمن «الحوار المستمر حتى نصل إلى حل» وتحول المواطن من ناقد إلى «ناقد ومشارك» وتتجلى شراكة المواطن في صنع القرار. رسائل كثيرة تضمنها حديث السيد الرئيس ولا يمكن تعدادها في هذه الزاوية، لكن يبقى العنصر الأهم الذي خصّه الرئيس الأسد بالجزء الأكبر من الكلام هو المواطن السوري، أينما وجد، وأينما كان، فالمواطن هو البوصلة، وتمنى على السادة المسؤولين أن يتعاملوا مع هذا المواطن على أنه شريك وأن تلبية احتياجاته اليومية ولو في حدودها الدنيا هي المسؤولية التي أوكلت إليهم، وأن مصارحته واجب بعيداً عن «العنتريات» و«البطولات» الوهمية. أطلت عليكم.. أريد أن أنهي بملاحظة حول مقاطعة الخطاب بالأشعار وحتى الأهازيج والأنواع الأخرى، وهنا فإن ذلك ليس الأسلوب الذي يتم فيه الحصول على اهتمام ورضا الرئيس، بل عمل وخدمة الناس هو الطريقة المضمونة لذلك.. ولا أقول عن هؤلاء: خانهم التعبير، بل خانتهم طريقة التعبير. أقوال الأسد: نحن ننتصر مع بعضنا لا على بعضنا. الإصلاح دون أمان كالأمان من دون إصلاح لا ينجح أحدهما دون الآخر. الفساد الأخطر هو الفساد الوطني الذي ينتج أشخاصاً يبيعون وطنهم ودماء أبنائه لمن يدفع أكثر. الوطن