من دفتر الوطن.. عبد الفتاح العوض يكتب.. الحياة بين مرسومين!
رجل فقير وأعمى يجلس على أحد أرصفة المدينة.. وضع قبعته وبجانبها لوحة مكتوب عليها ساعدوني لأني أعمى.. مر رجل حكيم فلاحظ أن القبعة لا تحوي أموالاً كثيرة ومن دون استئذان كتب على اللوحة عبارة أخرى. الفقير الأعمى لاحظ أن المارين أصبحوا أكثر كرماً وبدأت القبعة تمتلئ… فعرف أن شيئاً ما قد تغير في اللوحة فطلب من أحد المارة أن يقرأ له العبارة فكانت: «الحياة ربيع ساعدوني كي أرى جماله». لا أريد أن أقول إننا نريد أن نرى جمال النصر بعد كل هذه السنوات الصعبة، لكن ما أريد أن أتحدث عنه هنا ما الذي يريده المواطن من تغيير الوزراء. فهل هو مجرد تغيير في الأسماء أم إن التغيير سيلمس نتائجه الناس؟ في مرحلة ما كان هناك حديث على أن التغيير، مجرد التغيير يشكل حالة محفزة للعمل وثمة مبادرات تظهر مع التغيير ويخلق التغيير بوادر أمل في القطاع الذي يحدث فيه.. وأعتقد أن أهم فوائد التغيير أنه يحرك العقول الراكدة. من أسوأ العادات المجتمعية المغرقة في القدم أن الناس تبدأ بالطعن بمن مروا وانتهت مهمتهم وبالتهليل لمن قدموا.. وهذا النوع من التعامل هو مرض اجتماعي مزمن لا يخص وزيراً بعينه بل معظم المسؤولين على اختلاف مكانتهم.. ولا أدري كيف يمكن أن ننهي هذه العادة السيئة ففيها مزيج من التشفي والحقد والنفاق. الوزير الذي يبدأ مهامه كوزير بمرسوم يعي جيداً أن ثمة لحظة سيكون هناك مرسوم آخر يصبح فيه وزيراً سابقاً.. والعبرة كل العبرة في هذه المرحلة الفاصلة بين المرسومين، فهذه ليس فرصة للاستعلاء بل امتحان كفاءة قد ينجح به الوزير وقد لا ينجح.. وهو أيضاً اختبار نزاهة، قسم يمر من دون أن يزور أو تزوره بعثات التفتيش، وقسم يبقى اسمه في قوائم المشكوك في نزاهتهم. السؤال الذي يواجه الحكومة الآن كيف سيجعل هذا التعديل الوزراي العجلة الحكومية تسير أسرع وأفضل؟ لا شك أنها مهمة ليست سهلة، وتحتاج إلى أسلوب عمل يقوم على نقطتين رئيستين: الأولى أن يشعر المواطن بنتائج ذلك على حياته اليومية لا أن تبقى الأمور في الترقيع هنا وهناك، فنحن تخطينا مرحلة اليوميات.. النقطة الثانية أن تضع الحكومة أسساً جديدة لاتخاذ القرار، وهي مشاركة الرأي مع الآخرين وأصحاب العلاقة والخبرة. النقطة الأولى هي الأكثر أهمية حالياً لأن السلطة التنفيذية تحتك بشكل كامل مع يوميات الناس ومعاناتهم الحياتية. أما مشاركة الناس بصناعة القرار فهو أمر فيه تفصيل كثير. القصة التي بدأت بها ليست إلا تعبيراً عن أن التغيير ينتج ثماراً جيدة، لكن كمواطنين نريد فعلاً أن نرى «ثمار النصر».