من دفتر الوطن.. عبد الفتاح العوض يكتب.. الثور الهائج!!
عبد الفتاح العوض المكان الأنسب لدونالد ترامب هو مصح عقلي وليس البيت الأبيض. المعضلة أنه عليك أن تتعامل معه لأنه رئيس الدولة الأعظم في العالم. يفكر بطريقة واحدة فقط «الصفقة» هو الذي ألف كتاباً بعنوان «فن الصفقة» ويرى في نفسه أنه ناجح في إبرام الصفقات وكسب المال. علينا أن نتعامل بكثير من الواقعية.. كما يقولون الولايات المتحدة مثل «النار» الاقتراب منها يحرق، والابتعاد عنها يبرد!! ومن ثم فليس ثمة حل آخر إلا مراقبة الثور الأميركي الهائج. وترامب يمثل هذا الثور بكل صفاته، من السهل استفزازه ومن الصعب لجمه. وخلال الفترة السابقة من وجوده في الحكم تحوّل العالم إلى حلبة صراعات متشابكة ومعقدة، وليس الصراعات العسكرية بل أيضاً الآن يذهب بعيداً في الحروب الاقتصادية التي لا يعرف أحد إلى أي درجة يمكن أن تصل. لاحظوا خريطة الأزمات التي يكون فيها الثور الأميركي طرفاً. مشكلة مع المكسيك على الحدود.. أزمة مع إيران.. أزمات مع روسيا.. حرب اقتصادية مع الصين، وحرب رسوم جمركية أخرى مع الاتحاد الأوروبي، ونار خامدة قابلة للاشتعال في أي لحظة مع كوريا الشمالية. الثور نفسه لديه مشكلات داخلية كثيرة، وليس هناك أي إدارة استقال وأقيل فيها هذا العدد الكبير من المسؤولين مثل إدارة ترامب.!! عقيدة الثور الهائج تقوم على «كل وأي شيء مقابل المال».. الشعار الذي أطلقه ترامب وكان خاصاً بدول الخليج وهو «المال مقابل الأمان» وهو أقذر شعار يمكن أن تطلقه دولة بحجم الولايات المتحدة الأميركية. الآن.. الثور الهائج يهدد سورية!! والغريب أنه قبل أيام قليلة كان يتحدث عن انسحاب من سورية، ثم عرض أن يبيع جنوده في سورية لمن يدفع، وكان العرض لمصلحة السعودية، فإن أرادت أن يبقى الجنود في سورية فعليهم أن يدفعوا!! الحجة الأميركية لتهديد سورية مثل العادة تتعلق باستخدام أسلحة كيماوية. ورغم أن معظم المسؤولين السوريين أبلغوا الجميع أن المجموعات الإرهابية تتحضر لفبركة عملية هجوم كيميائي بقصد «إثارة» الثور أو الثيران الهائجة الدولية إلا أن المسرحية تم ترتيبها فعلاً.. ويبدو أن «الدول الكبرى» رضيت أن تلعب دورها بنجاح وبحماس في مسرحية فاشلة. لماذا يفعلون ذلك؟ وأين ستصل الأمور؟! لا يريدون أن تنتهي الأزمة، لم يقرروا بعد أن يتركوا الحل ينساب ويصل إلى خواتيمه من دون تعكير وتوتير أجواء. أما إلى أين ستصل الأمور، فليس هناك شك بأن إمكانات التدخل وفرص التأثير في مجريات الأحداث في سورية أصبحت شبه معدومة، ومن ثم فإن ما نتوقعه الكثير من الصراخ هنا وهناك، لكن بالنتيجة فإن تأثير هذا الهيجان السياسي سيكون محدوداً مادياً ومعنوياً، لكن وبالوقت نفسه لا يمكنك توقع تصرفات الثور الهائج، فقد يضرب ما دام لا يوجد «عقال» يمنعه. قلت سابقاً: قل لي من عدوك أقل لك من أنت. الاعتداء الإسرائيلي الجديد يضع مجدداً إسرائيل على رأس القائمة، أميركا، فرنسا، بريطانيا، تركيا، قطر، والسعودية. قائمة أعداء تجعلك تتأكد دوماً أنك على حق.