من دفتر الوطن.. عبد الفتاح العوض يكتب..عدو نفسه!
صاحبة الجلالة _ متابعة في اللحظة التي خلق فيها «آدم» أصبح لديه «أعداء».. حتى الملائكة سألوا اللـه عز وجل حتى قبل أن يخلق «آدم» بل في اللحظة التي أبلغهم اللـه أنه يريد خلق آدم في الأرض كان الاعتراض «الناعم» من الملائكة عندما قالوا لله عز وجل «أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء». خلق الإنسان وأعداؤه معاً.. وأصبح لديه أعداء من دون أن يفعل شيئاً، ومن دون أن يؤذي أحداً، ومن دون أن يعلن رأياً ومن دون أن ينحاز لأحد. لديكم ما يكفي من الخيال لتصور «آدم» وقد خلق للتو ولم يدلِ برأي أو يعبر عن موقف ثم وجد نفسه يواجه الأعداء من دون أن يكون له سبب أو دور في هذه العداوة. رد الفعل الإنساني في هذا الموقف الذي رافق بني البشر على مر العصور أنك ستتوقع أعداء لك ومن ثم ستواجه العداوات المحتملة بالتوجس والحذر ومبادرة الرد أو بالرد الاستباقي. هوبز شاهد في هذا السلوك الإنساني وذهب إلى أن الإنسان ذئب يريد أن ينهش لحم أخيه «الذئب»!. بينما روسو كان أكثر حكمة عندما وجد أن السلوك العدواني للإنسان لا يكون إلا في حالة أنه اضطر لذلك. والواقع الأقرب أن نتيجة هذا الإحساس البشري بأن ثمة أعداء «يتربصون» به فيقوم بحماية نفسه، وقد جعل القرآن أفضل طريقة لتحويل العدو إلى صديق بقوله تعالى: «ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم». هذه النقلة من العدو إلى ولي حميم ما كانت لتتم لولا إحساس الإنسان بأن الخطر المتوقع لم يكن حقيقياً وأن مبادرة حسن النية سحبت كل المبررات للتوجس والحذر والهجوم الاستباقي. وعلى مدى العصور زادت قائمة الأعداء للإنسان، منها ما صنعته الطبيعة والطبائع، ومنها ما صنعه لنفسه ومن نفسه، وفي كل وقت بقي الإنسان في حالة صراع مع أعداء كثر من داخله وخارجه. الحالة الطبيعية وجود عداوات، ثمة حالتان أسوأ من أن يكون لك عداوات، الحالة الأولى عندما تصنع أعداءك بنفسك، والحالة الأسوأ ألا تعرف عدوك من صديقك! لكن الأغبياء فقط هم الذين لا يعرفون أعداءهم، أو الذين يغيرون بوصلة الأعداء حماقة وجهلاً. الآن في المنطقة العربية ثمة حالة تعبر عن هذا الغباء، عندما تصبح «إسرائيل» صديقة.. وعندما يتم تصوير إيران على أنها العدو! هذا الخلط بين العداوات والصداقات ليس قابلاً للتفسير المنطقي. تسأل كل الأسئلة لماذا وكيف ومن؟ وتضيف عليها لو ولولا، لكنك لن تصل إلى حافة جواب أو شبه جواب. بصراحة.. أسوأ العداوات أن تكون عدو نفسك، وهؤلاء هم أعداء أنفسهم. «نيتشه» يقول: «من كان يحيا بمحاربة عدو ما تصبح له مصلحة في الإبقاء على هذا العدو قائماً». ربما مقولة نيتشه شبه محاولة لشبه جواب. أقوال:
- النجاح «خطيئة» يرتكبها المرء بحسن نية ومع ذلك لا يغفرها له الأعداء.
- يجب أن نغفر لأعدائنا ولكن ليس قبل أن نشنقهم!!
- سامح أعداءك فلا شيء يضايقهم أكثر من ذلك.
- المال لا يشتري لك أصدقاء ولكنه يحسن من مستوى أعدائك.