علّقت هيئة كبار العلماء ، على قرار تمكين المرأة من استخراج رخصة لقيادة السيارة، بالقول: "حفظ الله خادم الحرمين الذي يتوخى مصلحة بلاده وشعبه، في ضوء ما تُقرره الشريعة الإسلامية"، وذلك في تغريدةٍ كتبتها على حسابها الرسمي على تويتر.
أتبعتها الهيئة ببيان قالت فيه: "إن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، بما قلّده الله من مسؤوليات في رعاية مصالح بلاده وشعبه، وحراسة قيمه الإسلامية، ومصالحه الشرعية والوطنية؛ لا يتوانى في اتخاذ ما من شأنه تحقيق مصلحة بلاده وشعبه في أمر دينهم ودنياهم".
وتابعت: "إن علماء الشريعة كافة قرَّروا أن تصرف الراعي على الرعية منوط بالمصلحة". مؤكدةً أن فتاوى العلماء كافة؛ فيما يتعلق بقيادة المرأة للمركبة انصبت على المصالح والمفاسد، ولم تتعرض للقيادة ذاتها، التي أكدت أنه لا يحرمها أحدٌ لذات القيادة.
وبرَّرت الهيئة رفضَها السابق للقيادة بالقول: "ولي الأمر أشار إلى ما يترتب من سلبيات من عدم السماح للمرأة بقيادة المركبة، وارتأى بعدما اطلع على ما رَآه أغلبية أعضاء هيئة كبار العلماء من أن الحكم الشرعي في ذلك هو من حيث الأصل الإباحة، وأنهم لا يَرَوْن مانعاً من السماح لها بقيادة المركبة، في ظل إيجاد الضمانات الشرعية والنظامية للحفاظ على صيانة المرأة واحترامها".
تأكيد الهيئة على إباحة القيادة سبقه بأسبوع واحد فقط هجوم من رئيس فرع الافتاء بمنطقة عسير، سعد الحجري على السيدات، إذ قال إنه لا يصلح إعطاء المرأة رخصة قيادة، لأنها "ناقصة عقل"، وأضاف ساخراً إنها إذا ذهبت للأسواق أصبحت بربع عقل، وعلى خلفية تلك التصريحات انتشر هاشتاغ غاضب يحمل اسم #الحجري_النساء_بربع_عقل، على تويتر.
"أبواب الشر"
أما رئيس هيئة كبار العلماء، ومفتي عام السعودية، عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، فأكد أن قيادة المرأة للسيارة قد تفتح عليها أبواب شر ولا تنضبط أمورها، وطالب بعدم إقرار هذا الأمر لأنه خطير، وذلك قبل عام في أثناء استضافته في برنامج "مع المفتي"، على قناة "المجد".
وتابع أن "الواجب والمطلوب منا ألا نقرَّ هذا؛ لأنه أمر خطير يعرضها للشرور، ولا سيما من ضعفاء البصائر الذين يتعلقون بالنساء، وربما سبَّب خروجها وحدها وذهابها إلى كل مكان من غير علم أهلها شروراً كثيرة".
"فاجر يواعدها"
كما سبق لعضو هيئة كبار العلماء صالح الفوزان الإفتاء بتحريم القيادة، قائلاً: "المحاذير كثيرة، وأخطر شيء أنها تعطيها الحرية بأن تأخذ السيارة وتذهب إلى من تشاء من رجال ونساء".
وتابع في رده على استفسار ربط ركوب الراحلة في الماضي بالسيارة قائلاً: "الركوب على الراحلة ما فيه خطر، ولا يترتب عليه مفاسد، خلاف قيادة المرأة للسيارة فيها خطر، وفيها محاذير كثيرة، فلذلك يمنعن منها".
وأضاف: "المرأة إذا ملكت سيارة وصار معها مفتاح سيارة تذهب أينما تشاء، ولا أحد يمنعها، وقد يتصل بها فاجر أو فاسق يواعدها، وايش ليمنعها أنها تأخذ مفتاح السيارة وتشغل وتروح في الموعد، لأنها أخذت حريتها، فهذا فيه مفاسد خطيرة".
السفور والخلوة المحرمة
فيما ردَّت
الرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، برئاسة عبد العزيز بن عبد الله بن باز، على تساؤل ورد على موقعها الإلكتروني في هذا الصدد، بالقول إنه، "لا يجوز للمرأة أن تسوق السيارة في شوارع المدن، ولا اختلاطها بالسائقين؛ لما في ذلك من كشف وجهها أو بعضه، وكشف شيء من ذراعيها غالباً، وذلك من عورتها، ولأن اختلاطها بالرجال الأجانب مظنة الفتن ومثار الفساد".
وفسَّر موقعابن باز السبب وراء ذلك بالقول: "تؤدي إلى مفاسد، منها: الخلوة المحرمة بالمرأة، والسفور، والاختلاط بالرجال دون حذر، وارتكاب المحظور الذي من أجله حرمت هذه الأمور، والشرع المطهر منع الوسائل المؤدية إلى المحرم واعتبرها محرمة".
نزع الحجاب والحياء
فيما اعتبر رجل الدين السعودي ومفتي السعودية السابق وعضو هيئة كبار العلماء محمد بن صالح العثيمين، منع القيادة للنساء "درءاً المفسدة"، ومن المفاسد التي قد تسببها القيادة: "نزع الحجاب، لأن قيادة السيارة سيكون بها كشف الوجه الذي هو محل الفتنة ومحط أنظار الرجال. ونزع الحياء منها (المرأة)، والحياء من الإيمان".
وتابع: "المرأة تكون طليقة تذهب إلى ما شاءت ومتى شاءت وحيث شاءت، إلى ما شاءت من أي غرض تريده لأنها وحدها في سيارتها، متى شاءت في أي ساعة من ليل أو نهار، وربما تبقى إلى ساعة متأخرة من الليل. وإذا كان أكثر الناس يعانون من هذا في بعض الشباب، فما بالك بالشابات إذا خرجت حيث شاءت يميناً وشمالاً في عرض البلد وطوله، وربما خارجه أيضاً".
وأكدت الفتوى المنشورة على الموقع الرسمي لرجل الدين السعودي أن القيادة قد تكون "سبباً لتمرد المرأة على أهلها وزوجها، مع ما قد تتعرض له لدى الوقوف عند إشارات الطريق أو محطات البنزين أو نقاط التفتيش".
تضر بالمبايض وتصيب الأطفال بالتشوهات
فيما اعتبر رجل الدين السعودي صالح بن سعد اللحيدان، أن قيادة المرأة للسيارة قد تضر بالمبايض ومنطقة الحوض، ما قد يؤدي إلى إصابة أطفالهن "بخلل إكلينيكي"، وانتشر هاشتاغ مندداً بالتصريحات، حمل اسم #قيادة_المرأة_تؤثر_على_المبايض_والحوض.
وجاءت التصريحات رداً على مطالبات على الشبكات الاجتماعية، لتمكين المرأة من القيادة، وذلك في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2013، بحسب ما نقلته صحيفة "سبق" السعودية الإلكترونية، وموقع هيئة الإذاعة البريطانية BBC .
الحشمة في القيادة بعدما كانت سبباً لخلع الحجاب
أما عضو هيئة التدريس في كلية الحرم المكي سعيد بن مسفر، فلم يبدِ أي اعتراض على القرار الأخير على حسابه الرسمي على تويتر، مؤكداً أن المرأة المحتشمة ستبقى كذلك، سواء مشت أو قادت السيارة، فوضع نفسه في موقف حرج بتلك التغريدة.
إذ نشر المتابعون له فيديوهات سابقة يتحدث فيها عن أن من يُردن القيادة "مغفّلات" لأنه سيشترط عليهن خلع النقاب والحجاب وتدريجياً العباءة.
القيادة سبب للاغتصاب
وسبق للمؤرخ السعودي صالح السعدون اعتبار القيادة باباً لتعرض النساء للاغتصاب، مؤكداً أن السعودية تحمي نساءها من هذا الخطر من خلال منعهن عن القيادة، وذلك في مقابلةٍ تلفزيونية أجراها، في فبراير/شباط 2015.
ضياع عذرية الفتيات
الأمر لم يقف عند حد التحريم؛ إذ اعتبر الأكاديمي السعودي كمال صبحي، الأستاذ السابق في جامعة الملك فهد، في دراسةنشرها بالعام 2011 أن قيادة المرأة للسيارة ستؤدي إلى ضياع عذرية الفتيات، ونشر الفسق والانحلال في المجتمع السعودي.
مؤكداً أن ذلك أيضاً من شأنه أن يُحدث زيادة في الدعارة والمواد الإباحية والطلاق، وأنه في غضون عشر سنوات من رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة لن يكون هناك المزيد من العذارى في المملكة، وقد تم تقديم هذه الدراسة لمجلس الشورى السعودي.
وكان العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، قد أمر يوم الثلاثاء 26 سبتمبر/أيلول 2017، بالسماح للنساء بقيادة السيارات في المملكة.
وقالت وكالة الأنباء السعودية الرسمية "واس"، إن الملك أصدر أمراً سامياً بتشكيل "لجنة على مستوى عالٍ من الوزارات"، ستقوم برفع توصياتها خلال 30 يوماً، ثم تطبيق القرار، بحلول يونيو/حزيران 2018.