بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

كتب زياد غصن.. “عصفورية” الدعم الحكومي: الفاقد الكهربائي يزداد ونصف مياه الشرب ضائعة!

الأربعاء 31-07-2024 - نشر 4 شهر - 3092 قراءة

مع زيادة ساعات التقنين في إمدادات الكهرباء والمياه وتباينها بين منطقة وأخرى، بات فصل الصيف الحالي أشبه بـ”الحجيم” بالنسبة لغالبية السوريين، الذين ضاقت بهم أكثر فأكثر سبل العيش في ظل تزاحم أولويات الإنفاق اليومي أو الشهري من تأمين لقمة العيش إلى شراء المياه من السيارات الجوالة فدفع فواتير الكهرباء وشراء مستلزمات العلاج في مشفى حكومي.. وما إلى ذلك من سلة احتياجات الأسرة السورية.

وتبرر الوزارات والمؤسسات الحكومية المعنية زيادة ساعات تقنين الكهرباء والمياه بمحدودية الكميات المنتجة لأسباب اضطرارية من انخفاض منسوب مياه الآبار والينابيع إلى تراجع كميات الغاز الطبيعي المنتجة محلياً بفعل خروج الحقول الرئيسية عن السيطرة منذ سنوات عدة، لكن عادة ما تلجأ الدول والمؤسسات والأفراد في هذه الحالات إلى اتباع سياسات تأقلم غايتها الاستثمار الأمثل لما هو متاح من موارد وإمكانيات كأن تعيد النظر بثقافة الاستهلاك وضبطها بحدود معينة، والحد كذلك من أوجه الهدر في الإنتاج والتوزيع وتخفيض الكلف وغير ذلك. فماذا فعلت الوزارات المعنية من كل ذلك؟

في هذه المقالة سنحاول إجراء مقاربة بسيطة لواقع تطور ظاهرة الهدر في ثروتين هامتين هما: الكهرباء ومياه الشرب، معتمدين في ذلك على بيانات إحصائية حديثة منشورة بشكل رسمي لثلاثة أعوام (2020-2022).

نبدأ بالطاقة الكهربائية، إذ بحسب تلك البيانات فإن نسبة ما شكلته كميات الطاقة الكهربائية المفقودة والكميات المخصصة للاستهلاك الذاتي من إجمالي الطاقة المنتجة والمعدة للاستهلاك وصلت في العام 2020 إلى حوالي 30.8%، وإلى حوالي 30.9% في العام 2021، وإلى حوالي 32.5% في العام 2022 أي أن النسبة في ارتفاع وهذا على عكس ما هو مفترض، لاسيما إذا علمنا أن الكمية المنتجة من الكهرباء تراجعت في العام 2021 بنسبة 19.5% مقارنة بالعام السابق، ثم عاودت الارتفاع قليلاً في العام 2022 بنسبة 0.16% مقارنة بالعام 2021.

تتبدى أكثر خطورة هذه النسب من خلال الوقوف على قيمة إنتاج الكميات المفقودة والمعدة للاستهلاك الذاتي، فمثلاً في العام 2022 كانت التقديرات الحكومية آنذاك تشير إلى أن كلفة إنتاج الكيلو الواط الساعي تعادل 315 ليرة، وعليه فإن قيمة الكمية المنتجة المفقودة والمعدة للاستهلاك الذاتي تصل إلى أكثر من 1880 مليار ليرة، علماً أن التقديرات الرسمية كانت تتحدث آنذاك عن أن قيمة كلفة دعم الكهرباء تصل إلى حوالي 5 آلاف مليار ليرة، وعلينا أن نتخيل قيمة الكميات المهدورة خلال السنوات السابقة، وقيمتها في الوقت الراهن مع الحديث الحكومي عن وصول قيمة دعم الكهرباء إلى حوالي 18 ألف مليار ليرة.

لكن لماذا لا تفصل وزارة الكهرباء بين الكمية المفقودة فنياً وتجارياً وبين الكمية المخصصة للاستهلاك المحلي؟ هل في الأمر صعوبة أم أن المقصود عدم فصلهما كي لا ينكشف رقم الفاقد؟

أما في مياه الشرب، والتي جاءت بياناتها أكثر تفصيلاً، حيث تم فصل كميات المياه المستهلكة بشكل مجاني عن الكميات الضائعة في الشبكة، فإن عملية احتساب نسب الكميات المستهلكة مجاناً أو الضائعة للأعوام الثلاثة المشار إليها تظهر وجود تراجع بسيط، فمثلاً في العام 2020 شكلت نسبة الكميات المستهلكة مجاناً حوالي 3.2% وبقيت ذاتها في العام 2021 ثم تراجعت إلى حوالي 2.5%، في حين أن كميات المياه الضائعة في الشبكة، وإن تراجعت من حوالي 47.6% في العام 2020 إلى حوالي 45.9% في العام 2021 وإلى حوالي 45.2% في العام 2022 إلا أنها تبقى نسبة كارثية لسببين:

الأول أننا نتحدث عن هدر أقل من نصف كميات مياه الشرب العذبة المنتجة سنوياً، هذا في وقت نتحدث فيه منذ سنوات طويلة عن وجود عجز مائي كبير.

والسبب الثاني أن أقل من نصف الدعم الحكومي المقدم لإنتاج وتوزيع مياه الشرب يضيع سنوياً في الشبكة، وهذا يشبه حال من يرمي عامداً متعمداً نصف أمواله في البحر.

إذا على مدار ثلاثة أعوام لم تنجح الحكومة والوزارات المعنية في التخفيف من نسب الهدر الكبيرة في الطاقة الكهربائية ومياه الشرب، فالتشدد في العقوبات المتعلقة بالاستجرار غير المشروع للكهرباء والمياه غير مجدية لوحدها في ظل غياب الوعي وثقافة الاستهلاك، وضعف عمليات المراقبة ومتابعة تنفيذ التشريعات، والأهم محدودية المشاريع الرامية إلى إعادة تأهيل الشبكات وخطوط التوزيع ومنع التعدي عليها.. لا تقولوا لنا إنه لا توجد موارد مالية لتمويل هذه المشاريع، فما يهدر أو يضيع سنوياً من أموال يكفي ربما لإعادة تأهيل المنظومة الكهربائية والمائية في عدة محافظات دفعة واحدة.

اثر برس


أخبار ذات صلة

كتب د.عدي سلطان

كتب د.عدي سلطان

المواصلات في دمشق وريفها رحلة معاناة لاتنتهي

الاعلامي وضاح عبد ربه يكتب :  كتب رئيس تحرير الوطن الاعلامي وضاح عبد ربه :

الاعلامي وضاح عبد ربه يكتب : كتب رئيس تحرير الوطن الاعلامي وضاح عبد ربه :

اسوأ قرار، غير معلن لكونه غير قانوني وغير دستوري، اتخذ في تاريخ مجلس الشعب تمثل في حجب الإعلام الخاص ومنعه من دخول المجلس، ونقل ما يحدث تحت قبته!