عبد الفتاح العوض يكتب: أين هيكل سورية؟
قال مذيعان لبنانيان.. – مذيع ومذيعة – إنه لا يوجد في سورية مذيع شهير.. وإنهما يحظيان بشهرة خاصة في سورية أكثر من لبنان.
هذا الكلام السخيف مع الأسف صحيح وهو مدخل للحديث عن ثلاثة عناوين في المشهد الإعلامي السوري.
أول هذه المشاهد أنه فعلاً لم ينتج الإعلام السوري مشاهير على مستوى مذيعين ولا في حقل الصحفيين وكتاب الأعمدة وزوايا الرأي، وفوق ذلك لا يوجد وسيلة إعلامية ولا صحيفة يؤخذ عنها باستثناءات قليلة لجريدة «الوطن».
المشهد الثاني أن بعض الإعلاميين الذين أتيح لهم العمل في وسائل إعلامية خارجية حصلوا على مكانة جيدة ونالوا نصيباً من الشهرة ونصيباً من المال عندما مارسوا المهنة في أجواء احترافية من حيث الإمكانات وليس من حيث المصداقية والموضوعية.
المشهد الثالث أن الإعلام السوري ما زال يلبس ثوباً قديماً لم تغيره تقنيات العالم ولم يجد أي من أركانه الحاجة لينافس أو يبتكر أو يتطور، فالحاجة للمنافسة شبه معدومة… لم يتنافس فيما بين فرقه محلياً ولم يتنافس مع إعلام الخارج وحتى عندما جاء الإعلام الحديث بألوانه المزركشة وأنواعه المختلفة دخلنا عليه بثيابنا القديمة وأساليبنا المعتقة.
كنت أسال دوماً لماذا لم ينتج إعلامنا «محمد حسنين هيكل» بالنسخة السورية أو حتى شبيهاً له.
والآن أسأل لم ينتج مثل حداد وخياط و18+، نعم لم ننتج هيكل ولا خطاً أحمر.
وبالتأكيد ليس للأمر علاقة بالإمكانات الشخصية للصحفيين السوريين بل له علاقة ببنية الإعلام السوري وبالحياة السياسية وحريات الوسائل الإعلامية وبالإمكانات المالية.
والآن وفي أجواء مناقشة لقانون إعلام جديد في لجنة مجلس الشعب فإن أبرز ما فيه هو اعتماد صفحات التواصل الاجتماعي تحت مسمى الصفحات الاحترافية.
الواقع أن تجاهل وسائل التواصل الاجتماعي ليس أمراً حكيماً لكن إدخالها في بنية الإعلام سيكون أمراً يفتقد لأي حكمة، والمخرج لذلك أن يكون لدينا هيئة أو لجنة مختصة بالتعاطي مع مفهوم الإعلام الجديد داخلياً وخارجياً تعمل بأسلوبه وتتقن التعاطي بمرونة مع عالم كثير الحركة ومرتبط أساساً ليس بالمحتوى فقط، بل ربما مرتبط أكثر بالتقانة التي لا نملكها، والتي يتحكم صانعوها بنا من خلالها. وبفكرة اعتراضية لمَ لا ينشر مشروع قانون الإعلام ويحظى بنقاش عام.
الإعلام السوري بحاجة لأياد متحررة من قيود كثيرة، ولعقول تقبل التنوع والاختلاف وتجاري خطاب الآخر وتسمح بالتفاعل والأهم أن تكون ساحة حوار داخلي عميق وجريء.
بغير ذلك.. سيكون من حق مذيع يفتقد لأي مهارة إلا الجعير، ولأي مذيعة تفتقد كل شيء إلا عمليات التجميل أن يظنا أنهما هما الأكثر تأثيراً في الجمهور السوري.
بغير ذلك سيبقى الإعلام السوري بحالة انفصال عن جمهوره والتأثير في الناس عندما يكون ثمة ضباب معلومات مشوهة ودخان أفكار سامة.
والحديث طويل.. واللسان قصير.
أقوال
– لا تكرهوا الإعلام، كونوا الإعلام.
– أعادت وسائل التواصل الاجتماعي السلطة إلى الناس.
من دفتر وطن