كتب عبد الفتاح العوض اللسان الطويل
مظفر النواب يقول اغفروا لي حزني وخمري وغضبي وكلماتي القاسية.. بعضكم سيقول بذيئة.. لا بأس أروني موقفا أقل بذاءة مما نحن فيه.
هذا المقطع الشعري يفسر ما أصبح ظاهرة في المجتمع من التعامل اللفظي القاسي فيما بيينا.. ربما لا أحد منا إلا لاحظ حجم الإساءات الجارحة التي يتعرض فيها الكل من الكل في النقد والتعليق على الأقوال والأفعال بغض النظر عمن تصدر.
هي ظاهرة جديدة في المجتمع السوري المعتاد على التعبير اللطيف عن النفس لكن تفسير هذا التغير الواضح نحو استخدام العنف اللفظي إنما يعود لأن الواقع أصبح فعلا أكثر بذاءة.
في الفكر الاجتماعي السوري تعتبر الكلمات الجارحة والألفاظ البذيئة خارجة عن الأدب وتكاد تكون مرتبطة بفئة ساقطة أخلاقيا بالمجتمع وفي أقل الاعتبارات الاجتماعية يعتبر استخدام ألفاظ قاسية من أبواب العيب.. ويصل الأمر في الأديان إلى التحريم عند الحديث عن الفحش في القول.
علماء النفس الغربيون لهم وجهة نظر أخرى
تقول الباحثة البريطانيّة «ليندسي دودجسون: «إنّ الألفاظ النابية والكلمات البذيئة تساعدنا أكثر في التعبير عن أنفسنا، كما تساعدنا في تخفيف الآلام الناتجة عن الضغط النفسيّ، والجهد الجسديّ». وحسب علم النفس الاجتماعيّ، «استخدام اللغة البذيئة يمنح المرء القدرة على التعبير بشكل أفضل عمّا يجول في خاطره، أكثر من استخدام اللغة الانضباطيّة».
لا أظن أن هذه الأبحاث تحولت إلى نظريات معتمدة لكنها تجد من يؤيدها حتى الآن ولا أعتقد أنها تملك حجة قوية.
بعيداً عن تفسير هذه الظاهرة.. سواء لأن الواقع ساهم في انفلات الألسنة.. أم لأن ذلك يساعد على التعبير عن النفس ويخفف من الضغط النفسي إلا أن الواقع أن المجتمع السوري «طال لسانه» بالسنوات الأخيرة وربما في الآونة الأخيرة زالت كثير من المخاوف فاستطالت الألسنة على راحتها ومن اللافت أن القوانين المتشددة مثل قانون الجرائم الإلكترونية لم تستطع كبح الظاهرة مثلما لم تفعل قوانين تجريم التعامل بالدولار من ضبط تطاوله على الليرة السورية.
فما يمكن أن يكون سبباً في اللسان الطويل أن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت للكثيرين العمل من وراء ستار وبأسماء مستعارة وبحسابات مزيفة وفي مثل هذه الحالات لا يجد الشخص أي ضابط لاستخدام ما يحلو له من لغة.
لكن وأنا أبحث في هذا الموضوع لاحظت أن المجتمعات العربية معظمها تستخدم عبارات نابية في التعليق على كثير من الوقائع بل هناك شعوب عربية معروفة تاريخيا باستخدام اللغة البذيئة في الحياة اليومية.. لهذا ومع كل هذا يبقى السوريون في قمة الأدب ونهنئ الحكومة على ذلك!!
أقوال:
– الكَلامُ اللَّينُ يَغْلِبُ الحقَّ البَيِّنَ).
– (أَسْمَعُ فَأَعْلَمُ، وأَسْكُتُ فَأَسْلَمُ).
– لسانك لا تذكر به عورة امرئ
– فكلك عورات وللناس أعين
– مَا أَضْمَرَ أحد شيئاً إلا ظَهَرَ في فَلَتَاتِ لِسَانه وصَفَحاتِ وَجْهِهِ.