كتب عبد الفتاح العوض طائفة الفقراء
الفقر ليس طائفياً فهو ينتمي إلى كل الطوائف..
أقول ذلك وقد عادت أسئلة جارحة من نوع هل الشعب السوري طائفي وأنه كان يخبئ مشاعره خوفاً وفي أحسن الأحوال أدباً؟ أم إن ما نراه وما نسمعه هو بالنتيجة أثار أمراض كثيرة تزول بزوال الحالة والمرض الأساسي.
بقدر ما هذا النوع من الأسئلة وهذه النقاشات مؤلم إلا أنه ضروري كي لا تختلط الحقائق بالأوهام، مازلت من طائفة السوريين الذين يعتقدون أن الشعب السوري يتعالى على الطائفية ويمقتها ولا يريد أن يكون في دوامتها.
لذلك سيكون السؤال إذاً لماذا نسمع شعارات طائفية وفي السنوات الأخيرة صرنا نرى رايات طائفية؟
الأجوبة يجب ألا تقتصر على سنوات الحرب.. فما قبلها وعند بدء جنون إنشاء الفضائيات الطائفية صرنا نشاهد «أمماً تلعن أمماً»، وفئات تكفّر فئات، وشعوباً تتعالى على شعوب وتم نبش حوادث من بطون الكذب وبدا السوري يشاهد مسرحية غير معتاد عليها، وللأمانة لم يستسغ طعمها ولم يعجبه لونها.
ثم في السياق ذاته أطل المشهد اللبناني بكل لغته الطائفية التي اعتاد عليها الأشقاء لكنه أيضاً لم يزد السوري إلا كرهاً للطائفية المزعجة، ولعل الاحتلال الأميركي للعراق فجّر حالة أكثر قسوة في المشهد الطائفي وأصبح الخناق يشتد على فكر السوريين ومع كل ذلك نجوا من لعنة الفكر الطائفي.
ثم جاءت الحرب وبدا الأمر كما لو أننا ذاهبون بقلوبنا إلى الجحيم الطائفي، ورغم كل ما جرى من دماء بسيوف طائفية إلا أن العقل السوري بدا محصنا ضد الطائفية.
والآن أعتقد أن شعارات 2011 تعود بكل بذاءتها السياسية لكن ستبقى محاصرة بالعقل السوري النقي.
فما نراه وفي ضوء انفلات وسائل التواصل الاجتماعي وتنامي اللهجة الغاضبة نجد أن اللغة الطائفية ليست إلا أعراض مرض وآثاراً جانبية لسنوات الحرب والفقر وفوق كل ذلك تسرب لعدوى الجيران والإقليم الذي يصرخ بالطائفية ليل نهار. السوريون ليسوا طائفيين وبضع سنوات من النجاة من الفقر ستعيدهم إلى ما كانوا وأفضل.
وإن كان هناك طوائف في سورية فهي طائفة الفقراء وطائفة الأغنياء… وما أجمل طائفة الفقراء الذين يثبتون أنهم غير طائفيين، ذلك أنهم مستعدون بكل رضا للتخلي عن طائفتهم ليكونوا مع طائفة الأغنياء.
إن كان لدى السوري مشكلة مع طائفة فإن مشكلته مع فئة الفاسدين.
أقوال:
– دكاكين الطائفية بضاعتها الموت، البائع فيها والشاري منها مجرم.
– التكتم الذي نلتزمه في نزعتنا الطائفية أخطر علينا من الإفصاح والتظاهر، فالطائفة تمسي في نفوسنا بمنزلة العقد الدفينة أو هي تمسي بالأحرى مرضاً نفسياً.
– لمجرد أن تعتقد أن طائفتك هي الأفضل حتى ولو كتبت ملحمة ضد الطائفية فأنت طائفي