كتب الصحفي زياد غصن: بلد الأجيال القادمة
أغرب ما في تصريحات بعض المسؤولين الحكوميين، هو عندما يبرر أحدهم تصرفاً حكومياً بالحرص على مصلحة الأجيال القادمة، وكأننا نعيش في بحبوحة، ولا ينقصنا سوى الاطمئنان على حال الأجيال التي ستأتي بعد عدة عقود.
من حق الأجيال القادمة أن نترك لها بعضاً من ثروات الوطن، لكن هذا لا يعني أن نقضي عمرنا في الفقر والحرمان، وأن نترك البلاد على وضعها الراهن، الضعيف والمنهك اقتصادياً واجتماعياً...
ماذا سوف تستفيد الأجيال القادمة إذا تركنا لها كل ثرواتنا المائية، وأورثناها قطاعاً زراعياً متخلفاً غير قادر على تأمين أبسط احتياجاتها الغذائية.
وماذا سوف تستفيد إذا تركنا لها كل احتياطيات النفط والغاز، وتسلمت منا بلداً غير قادر على إنارة منازل مواطنيه، وبلا صناعة وبلا خدمات...
وماذا سوف تستفيد إذا اقتطعنا لها من إيرادات الصحة والتعليم ما يعزز سيولتها، وتركنا لها في المقابل أجيالاً مريضة، هرمة، تحتاج إلى رعاية ومتابعة بميزانيات كبيرة.
المنطقي أن نورث الأجيال القادمة بلداً تستطيع أن تتعلم فيه بثقة، وتتعالج فيه باطمئنان، وتعمل فيه بجدارة، وتأكل من خيراته، وتلبس من منتجاته، وتتحدث فيه بحرية..
هذا هو التحدي الحقيقي، وغير ذلك فهو مجرد هروب إلى الإمام، وتغطية على عمليات الفشل والفساد، التي تجري تحت يافطة تأمين احتياجات البلاد، وتطوير خدمات قطاعاته..
لذلك، لنبحث عن كل نقطة نفط، ونبع مياه، وحبة فوسفات، وذرة تراب صالحة للزراعة ونستثمرها في بناء وطن يكون لائقاً بنا وبالأجيال القادمة.
زياد غصن - شام إف إم