كتب عبد الفتاح العوض: سوريون وأكثر..
نقد العقل السوري يحتاج إلى كثير من المراجعات، ولم يجر الكثير من النقاش حول هذا الموضوع.. عمر سورية بوضعها الحالي بعد سايكس بيكو مجرد مئة سنة، لكن عمرنا آلاف السنوات، وما يمر بنا الآن عارض تاريخي تمر به كل الأمم ثم تشفى.
وكل المراجعات حول نقد العقل كانت ضمن مفهوم العقل الإسلامي بشكل عام والعقل العربي بشكل خاص، أما الحديث عن العقل السوري فلم يتم بدراسات علمية عميقة بل مجرد محاولات لا ترقى لمستوى الدراسة.
أول نقطة اعتراض على استخدام تعبير العقل السوري تأتي من أنه لا يوجد ما يميز العقول عن بعضها استناداً للجغرافيا.. فإن تحدثت عن عقل سوري فأنت تتحدث عن عقل عراقي وآخر جزائري وثالث مصري في حدود الجغرافيا العربية ثم تتعدد ملحقات العقل عالمياً اعتماداً على الجغرافيا السياسية.
هذا الاعتراض وجيه، لكنه لا يصمد أمام فكرة أن البشر يفكرون بناء على المشاكل والمصاعب والتحديات التي تواجههم.. فلا يمكن أن يفكر السويسري مثلا وهو يعيش في بلد يعتبر من أفضل الدخول بالعالم مع طريقة تفكير مواطن صومالي مثلاً فالإنسان ابن بيئته وابن مشاكله وأريد أن أركز أكثر على أن الإنسان ابن مشاكله حتى في علم النفس فإن ما يصنع سلوك الشخص ما مر به من صعوبات ومشاكل..
لهذا فإن نظرية أن آلية التفكير محكومة بالتحديات التي تعانيها مجموعة بشرية هي نظرية قابلة لتتحول إلى قاعدة فكرية.
من هنا عندما نتحدث عن العقل السوري فإننا نتحدث عن آليات تفكير متشابهة لأن أصحابها يعيشون المعاناة نفسها.
ثم إن المواد الأولية التي تجعل الناس يفكرون بالطريقة ذاتها هي نفسها خلال العقود السابقة، وحتى عندما بدأت الأفكار التي تعلمناها تنهار، فمن الملاحظ أنها لم تنهر عند فئة قليلة بل عند الكثير من السوريين.
من المهم مراجعة نقدية للعقل السوري ليس بغاية النقد بحد ذاته رغم أهميته، بل من أجل وضع خطة لإعادة صياغة العقل السوري بعد الزلزال الذي شهده السوريون بأفكارهم عن أنفسهم وعن الآخرين.
السؤال الأول: من المؤهل للقيام بهذه المراجعة؟
والسؤال الثاني: هل يمكن إنجاز هذه المراجعة بموضوعية؟
مع الأسف لا يوجد لدينا أي مركز دراسات يضم المؤهلين لمثل هذه المهمة.. ولدينا نقص مزمن بهذه المراكز، والسبب بذلك أنه لا يوجد إيمان كاف بالحاجة لها.. وأما الجواب على السؤال الثاني فهو مفتوح جداً… فقربنا من الحدث ربما لا يعطي البعض فرصة للرؤية الواضحة.
بالمختصر المفيد… نحن سوريون وأكثر.
أقوال:
– الفرق بين إنسان وضيع وإنسان رفيع ليس فرقاً في العقل وحده، بل أكثر من ذلك الفرق في الذوق.
– كان السلف يقولون: إن على كل شيء زكاة وزكاة العقل طول الحزن.
– إذا كان على القلب توجيه الأسئلة فعلى العقل الرد عليها.
| عبد الفتاح العوض
الأربعاء, 09-11-2022