مسؤول سليم نفسياً بقلم: عبد الفتاح العوض
مليون سوري يعانون أمراضاً نفسية وهذا رقم رسمي من وزارة الصحة ويمكنك أن تتوقع حال مجتمع من كل 20 شخصاً يوجد فيه مريض نفسي.
إن كانت الأرقام صحيحة فلا يعتبر الرقم كبيراً على اعتبار أن ما عاشه السوريون خطير وصعب، وما زاد صعوبته أنه استمر لسنوات طويلة وفوق ذلك ما زلنا نعيشه أو نعيش آثاره بشكل واضح.
في معلومة أكثر خطورة أن 25 بالمئة لم تتم معرفة أمراضهم النفسية… يعني مريضاً نفسياً لكن علم الطب النفسي لم يحدد هذا النوع من المرض.
هذه المقدمة لأتحدث عن مرض معروف التشخيص وهو أن كثيراً مما نقوله لا نفعله.. هذه المسافة الشاسعة بين أقوالنا وأفعالنا لا علاقة للحرب بها.. فهي ظاهرة قديمة في المجتمع السوري.
في يومياتنا نعيش هذه الحالة بشكل كبير ولا أريد أن أقول كلنا يعيشها كي لا أظلم بعض الناس، لكن من باب الاعتراف الشخصي يمكن لكل منا أن يتذكر حالات كثيرة كان يفعل غير ما يقول.
في هذه الحالات يمكن أن نحصر النتائج على المحيط الاجتماعي، ويمكن للأشخاص أن يلمسوا هذا التناقض بين القول والفعل عند الشخص ولهم الحق في أن يصدقوه أو يكذبوه ويبقى الموضوع في هذه الحدود الاجتماعية.
لكن عند الشخصيات العامة ومنهم المسؤولون فإن الآثار لا تقتصر على التصديق والتكذيب بل تتعداها إلى مرحلة التأثير العام.
عندما يدعي المسؤول أنه يحارب الفساد وهو يعيش الفساد فإن القصة هنا ليست مجرد مرض نفسي اسمه انفصام الشخصية.. وعندما يطرح الشخص الحلول ويقدم المقترحات وينتقد الآخرين، ثم عندما يتولى المنصب ولا يعمل شيئاً ولا يقبل الانتقادات فإننا نتحدث أيضاً عن مرض نفسي.
عندما يتصرف مسؤول كما لو كان من كوكب آخر ويتصرف بعيداً عن الواقع فهذا مرض نفسي أيضاً.
السؤال هنا هل لاحظت التنمية الإدارية عند اختيار المسؤولين الصحة النفسية؟
سأتوقف عند هذا السؤال لأقدم اقتراحات محددة، أولها أن يكون هناك تأمين صحي مجاني للمعالجة النفسية، فلا أحد سيذهب للأطباء النفسيين وعنده آلام جسدية، ومعظمهم لا يتمكن من دفع تكاليفها، ولولا نعمة المشافي العامة التي تستحق بطاقة شكر فإن الأوجاع الجسدية ستكون بذاتها سببا لأمراض نفسية.
الاقتراح الثاني هو إعداد دراسة للمعالجة النفسية لجيل الحرب… جيل عاش طفولته وجيل عاش مراهقته في أوضاع غير طبيعية وبالتالي فمن الطبيعي أن يظهر ذلك على شكل خلل في الشخصية وخلل أكبر في السلوك.
هذا الجيل يحتاج لاهتمام خاص قسم منهم الآن عاش في المرحلة الأساسية والثانوية وقسم آخر أصبح في الجامعات وهم مستقبل سورية… انتبهوا جيداً لصحتكم النفسية وحى الآن لا يوجد ما يوحي أن أحدا مهتم بذلك لأن الأولويات تضع الصحة النفسية في آخر القائمة.
أقوال:
– أشد الآلام على النفس: آلام لا يكشفها الطبيب ولا يستطيع أن يتحدث عنها المريض.
– المشاعرُ المكتومة لا تموت أبداً، إنها مدفونةٌ وهي على قيد الحياةِ وستظهرُ لاحقا بطرقٍ بَشِعة.
– الدواء وسيلة لتسلية المريض حتى تعالجه الطبيعة.
– ما ضرورة أن يسعى المريض إلى طبيب القلب إذا كانت مصاريف العلاج توجع القلب والعقل.