علي عبود يرد على الذين يسألون أين الفقراء ؟؟ ليسوا مثالا ولا مقياسا للمقارنة!!
يسخر البعض من الذين يتحدثون عن الفقر في سورية، ويرفضون تصديق التقارير التي تلحظ ان نسبة الفقر لاتقل عن 85% بسبب الحصار الإقتصادي من جهة، وتراجع الدخل من جهة أخرى!
وحجة الساخرين والرافضين منطقية فهم يردون على “مدّعي” إنتشار الفقر بالقول: الفنادق في المناسبات والأعياد “كومبليه” ونسبة إشغالها مرتفعة في الأيام العادية خاصة في الصيف، والمطاعم ملآنة دائما بالناس رغم ارتفاع أسعارها .. فأين هذا الفقر الذي تعزفزن على أوتاره ليل نهار؟
وعلى الرغم من الحديث الممل عن ارتفاع أسعار السلع .. فإن صالات السورية للتجارة والمولات الفخمة تزدحم بالناس .. أليس هذا أكبر دليل على أن أحوال السوريين ميسورة وأبعد ماتكون عن العوز والفقر؟
أما المثال الآخر فهو إزدحام الشوارع بالسيارات، فعلى الرغم من تذمر أصحابها من الحصول على احتياجاتهم من البنزين المدعوم والحر، فهم يشترونه بكميات وافرة من السوق السوداء!
كلام الناس هنا صحيح تماما، ولكنه يخص شريحة محددة بالكاد تشكل نسبة 1% من السوريين، وهذه ظاهرة موجودة في كل المجتمعات، فالسائح الذي يزور لبنان لن يُصدّق وهو يرتاد المطاعم والفنادق إن البلد تعرض لانهيار إقتصادي ومالي، وكاد أن يعلن الإفلاس، ففي أي بلد ولو في ذروة الحروب توجد شريحة ميسورة مقتدرة ماليا إلى مايفوق التخمة شغلها الشاغل في الحياة الإقامة في الفنادق، وتناول وجباتها في المطاعم، والتسوق من المولات!
في سورية أيضا توجد شريحة ثرية اما بفعل الوراثة أوالفساد، ومن الطبيعي أن نراها في المطاعم والفنادق والمولات، ولكن كم تشكل نسبتها في المجتمع؟
حسب إحصاءات المكتب المركزي للإحصاء والتي تعود لعام 2017، ولم تتغير أرقامها كثيرا في عام 2022 فإن الفنادق بمختلف درجاتها تضم 25436 سريرا فقط ونزلاء الفنادق من السوريين المغتربين 992760 نزيلا ومن السوريين المقيمين 1264917 نزيلا قضوا 3562235 ليلة، مع الإشارة إن عددا كبيرا منهم موظفين أومسؤولين حكوميين بمهمات رسمية أي على حساب الدولة!
ونستنتج من هذه الأرقام بعد استبعاد الرسميين، ومن يسافر بهدف إنجاز أعمال تجارية، بالكاد يصل إلى 4% من إجمالي السوريين، وبالتالي فهؤلاء ليسوا مثالا على انتفاء الفقر في سورية، كما أنهم ليسوا قدوة كي يُقال أن السوريين يعيشون في الرفاه والبحبوحة.
والأمر لايختلف كثيرا بالنسبة للتعليم في القطاع الخاص فنسبة الطلاب فيها الذي يُكلّفون أسرهم مبالغ طائلة لايُقارن مع طلاب القطاع الحكومي.
ويمكن القول إن المشاهدات العيانية في الفنادق والمطاعم والمدارس والجامعات الخاصة لاتعكس سوى مشهد صغير جدا من اللوحة الكبيرة للمجتمع السوري، تماما مثل دول كثيرة تشبه سورية في المنطقة وتحديدا لبنان والأردن ومصر..الخ.
نعم، هذا المشهد الصغير يستحوذ على اللوحة الإجمالية، ويستفز ملايين السوريين الذين بالكاد دخلهم يكفي لتأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم الأساسية، ولكنه ظاهرة لن نقول شاذة، بل هي طبيعية، نراها حتى في الدول الغنية جدا، والمشكلة انها تلفت الأنظار وتعطي انطباعا عكسيا كأنّ يتم الترويج لمقولة إن الفقر في سورية ليس سوى إشاعة!!
الخطورة في الأمر أن تتخذ اللجنة الإقتصادية قراراتها استنادا إلى ماتشاهده بنفسها عندما ترتاد الفنادق والمطاعم بفعل ممارستها لأعمالها، أو بناء على ماتراه من وسائط نقل خاصة في الشوارع رغم رفعها لسعر المحروقات عدة مرات، وقد يخطر على بال أعضائها السؤال: من أين للناس هذه الأموال لإنفاقها بإسراف على مالذ وطاب؟
وفعلا من حق الناس الإستغراب من قرارات اللجنة برفع الأسعار إلى حد لايطاق جعلت غالبية السوريين تسأل: الآ تعرف الحكومة إن دخلنا لايمكن أن يجاري أسعارها؟
الخلاصة: رواد الفنادق والمطاعم والمولات ليسوا مثالا ولا مقياسا للمقارنة، فهم شريحة ثرية جدا معظمها شفط ثروته من خزينة الدولة وجيوب السوريين بفعل الفساد، والإستغلال، والإثراء غير المشروع!!
علي عبود ـ خاص شبكة غلوبال