كتب زياد غصن: الادخار السكني... وتبريرات الحكومة
في مقاربتها لأسعار الشقق السكنية المكتتبِ عليها من قبل المواطنين، تنطلق الحكومةُ في تبريرها لأي زيادة تقرها من تقديراتها للقيمة السوقية لهذه الشقق، وإجمالي ما قد يدفعه المواطن ثمناً لها.
أي أن الحكومة تفترض أن المواطن عبارة عن تاجر سوف يقوم عاجلاً أو آجلاً بالمتاجرة بالشقة، التي قد يحصل عليها بعد 10 سنوات على أقل تقدير، وتالياً لا ضير من رفع قيمة التكلفة النهائية والأقساط الشهرية.
هناك بالفعل مكتتبين يقومون ببيع أرقام الاكتتاب أو الشقق عند حصولهم عليها ولأسباب متعددة، لكن في المقابل فإن أغلبية المكتتبين، وهم من ذوي الدخل المحدود، يسكنون في تلك الشقق، ويرفضون بيعها لأنها بمنزلة حلم العمر.
لذلك لا يحق للحكومة أن تتعامل مع الملف كما لو أنها تاجر مقاولات أو بناء لا يهمه سوى ماذا يربح، فهي معنية بموجب الدستور، ومسؤوليتها الاجتماعية توفير المسكن الملائم لجميع المواطنين، وهي فعلياً لا تفعل ذلك سوى لشريحة قليلة جداً من طالبي السكن.
ولغتها في تبريرها لرفع قيمة الأقساط الشهرية للمكتتبين على شقق سكنية، لا تخرج عن سياق لغتها المعتادة في تبرير رفع أسعار المشتقات النفطية مثلاً، أو في تمنينها الدائم للمواطن لتوفيرها له رغيف خبز، أو في ضرائبها ورسومها التي تفرضها.
لغة باتت تحتاج إلى تغيير جذري لكسب ثقة المواطن، وتخفيف حالة الاحتقان السائدة في المجتمع.
إذ عوضاً عن تذكير المواطن بقيمة شقته التي اكتتب عليها، فلتشرح له الأسباب الداعية لرفع تقديرات تكلفتها، وقيمة الأقساط الشهرية المتوجب عليه دفعها، ولتشعره أنها اضطرت إلى هذا القرار تحت ضغط عوامل التضخم ومحدودية الإيرادات العامة وغير ذلك. لا أن تشعره أن عينها ضاقت حتى على شقة يحصل عليها بعد سنوات وسنوات.
لكن ما لم تفعله الحكومة في ملفات أخطر من ذلك، لن تفعله في هذا الملف. ليس لأنها ترفض الاختباء خلف إصبعها، وإنما لأن ثقافتها لم تسعفها سوى بهذه اللغة.
زياد غصن - شام إف إم