علي عبود يكتب.. خليك بالبيت ..”أوفر وأريح”!
حسبها جارنا أبو أحمد جيداً وخلص إلى نتيجة حاسمة: البقاء في البيت خلال عطلة أيام العيد الطويلة أوفر وأريح.!
هو يفعلها في جميع الأعياد خلال السنوات القليلة الماضية على الرغم من احتجاج الأولاد وأم العيال، ولم يفكر هذه المرة كثيراً لأن ارتفاع أسعار النقل قبل العيد بنسب لا تقل عن 50% يعني شفط راتبه كأجور ذهاب وإياب فقط!
فكّر أن يستعيض عن السفر إلى الساحل بأخذ العائلة إلى معرض الزهور لكنه سرعان ما طرد الفكرة من أحلامه عندما حسبها وتأكد أنه بحاجة إلى مالا يقل عن خمسة آلاف ليرة كحد أدنى لقاء مثل هذه الزيارة “المترفة”!
صحيح إن تمضية إجازة العيد في البيت ستكلفه الكثير من المال لتأمين احتياجات تغيب عن المائدة في باقي الأيام، بالإضافة إلى “عيدية” للأطفال ولأبناء الأقارب الحميميين جداً .. لكن “المصيبة” في البيت “أهون” ألف مرة من صرف الراتب الشهري بكامله على أجور النقل لقضاء العطلة في مسقط رأس العائلة، أو على شاطئ بحر مجاني، أو بين .. الزهور!
وتساءل أبو أحمد متهكما وبصوت خافت: وهل الشواطئ المخصصة للسياحة الشعبية هي فعلاً مجانية؟
ما المبلغ الذي ستتكبده العائلة للوصول إلى المسبح المجاني؟
وماذا عن الأكل والشرب على مدى أسبوع كامل حتى لو تم إعداده في المنزل؟
ردد أبو أحمد بصوت عال محدثاً نفسه: لا .. لا .. خليك بالبيت “أوفر وأريح” من “الشنططة والبهدلة” على الشاطئ المجاني!
وحال أبو أحمد مثل حال آلاف الأسر التي تعجز عن قضاء إجازة يوم واحد على شاطئ بحر مجاني أو حتى بعيداً عن الحي.!
نعم .. لم تعد العطلة الطويلة التي تمنحها الحكومة في الأعياد للعاملين بأجر نعمة كما كان حالها في الغابر من الزمان!
لقد تحولت جميع العطل الطويلة والقصيرة إلى نقمة مع تراجع القدرة الشرائية لليرة السورية!
فإذا كان الراتب الشهري بالكاد يغطي تكلفة السفر لعائلة من خمسة أشخاص لتصل إلى الساحل أو الداخل ولتعود إلى منزلها أي ذهاباً وإياباً.. فهذا يعني غياب السياحة الداخلية من جهة وغياب الزيارات الجماعية للأهل ومسقط الرأس من جهة أخرى!
وإشادة وزارة السياحة بأن حجوزات الفنادق وصلت إلى 100% لا يعني أن الأوضاع بخير، فإذا كانت بضعة آلاف من المترفين أو المقتدرين يتباهون بقضاء العطلة في الفنادق والشاليهات الفخمة على الساحل أو الجبل .. فإن عشرات الآلاف من العاملين بأجر بالكاد يقدرون على قضاء الإجازة في البيت دون أي تنقل فعلي سوى في الحارة أو الحي أي دون وسائط نقل.!
والسؤال: أما من حل لإعادة فرحة العيد للأسر العاملة بأجر.؟
نعم .. يوجد حل غير مكلف .. فما هو.؟
بإمكان اتحاد نقابات العمل التنسيق مع الجهات العامة وجميعها تملك باصات أوبمقدورها استئجار الباصات .. تنظيم رحلات إلى الساحل لمدة أسبوع أو أقل لأسر العاملين لديها، ويمكن تغطية الجزء الأكبر من نفقات مثل هذه الإجازات بالتعاون مع وزارة السياحة والمكاتب التنفيذية في المحافظات، أي بما يتناسب مع دخل العاملين بأجر.!
من الغريب فعلاً غياب مثل هذه المبادرات التي تعيد فرحة العيد لآلاف الأسر السورية بدلاً من إرغامها على قضاء الإجازات الطويلة بين جدران منازلها القديمة!
البعث