«ولادة الحلم المسلوب» أول كتاب بالعربية يتطرق إلى نشوء وإقامة الدولة الأرمنية
لم تكن الويلات التي مرت على الشعب الأرمني المناضل إلا عنصراً محفزاً للإصرار على الدفاع عن أرضه ووحدته وهويته وثقافته، وبعد فقدان أرمينيا الغربية نتيجة الإبادة في عام 1915 على يد العثمانيين، بقيت أرمينيا الشرقية بالنسبة للأرمن المكان الوحيد للبدء بحياة جديدة نحو الأمام، وبعزيمتهم وقوة إيمانهم بوطنهم استطاعوا توحيد صفوفهم ومواجهة العدو الطوراني في هذا الشطر من أرمينيا وخاضوا معارك تتلخص في الحياة أو الموت، وتحتفل جمهورية أرمينيا وعموم الأرمن هذا العام بمناسبة مرور مئة عام على إقامة دولة أرمينيا، وعليه ارتأى السفير الأرمني في دمشق أرشاك بولاديان إصدار كتاب بعنوان «ولادة الحلم المسلوب»، من شأنه تمكين القارئ العربي من التعرف على أهم الحقبات المصيرية في تاريخ الشعب الأرمني، والتقسيم الإداري لأرمينيا الشرقية، وأضاء على حال أرمينيا إبان الحرب العالمية الأولى، وعلى الأرمن والثورة الروسية، والحروب الأرمنية التركية، وقيام الدولة الأرمنية، ومعاهدة باطوم، وتشكيل مؤسسات الدولة السياسية الداخلية والخارجية وغيرها العديد من الملفات التي تغني المكتبات العربية والدولية. وفي مكتبة الأسد الوطنية وبرعاية وزير الثقافة محمد الأحمد أقيم حفل توقيع الكتاب الصادر عن دار الشرق، وذلك بحضور ثلة من المهتمين وممثلين عن وزارة الخارجية وأعضاء مجلس الشعب ورجال الدين ورؤساء العشائر. عن تاريخ أرمينيا وقال السفير الأرمني في دمشق أرشاك بولاديان في تصريح خاص لـ«الوطن»: «إن الكتاب يحكي عن تاريخ أرمينيا باختصار وأضأت بشكل عام على ماضي أرمينيا وحاضرها، وقدمت مواضيع عدة تخص أرمينيا وانقسامها بين الإمبراطورية العثمانية وإيران وبين الإمبراطورية العثمانية وروسيا، لأن جمهورية أرمينيا الحالية يعتبرونها عامة بتاريخ أرمينيا روسية والتي كانت تشكل الجزء العلوي من إيران ونتيجة الحروب الإيرانية الروسية في عام 1828 ينضم الشطر الشرقي لأرمينيا إلى روسيا ويمكن القول: إن أرمينيا الحالية كانت جزءاً من روسيا». وأضاف السفير في كلمة له: «إن ظهور الكتاب ما هو إلا دليل قاطع على أهمية هذا الحدث التاريخي للشعب الأرمني كله الذي يحتفل هذا العام في أرمينيا والشتات الأرمني بمئوية هذه الأحداث التاريخية العظيمة التي مهدت طريق الحياة للشعب الأرمني للانطلاق نحو الأمام، وهذا الحدث التاريخي يشكل منعطفاً مصيرياً بتاريخ الشعب الأرمني، وتكمن أهمية مئوية الدولة الأرمنية ليس في إعلانها فقط بل في إرادة الشعب العريق الذي قام ببطولاته ليبرهن للعالم عن حيوته وعزيمته الطبيعية ومتابعة مسيرته التاريخية» تقديراً لمواقفها الثمينة وأكد معاون وزير الثقافة توفيق الإمام: «إن الوزارة تتشرف برعاية حفل توقيع هذا الكتاب، وخاصة أن أرمينيا دولة صديقة وشقيقة ونقدر مواقفها الثمينة إلى جانب الدولة والشعب السوري من الحرب الإرهابية التي شنت عليه، كما أنه دليل على التعاون الثقافي والسياسي والاقتصادي بين سورية وأرمينيا، ونتطلع دائماً إلى المزيد من علاقات التعاون بين البلدين». واجهنا معاً الصعاب أما عضو مجلس الشعب ومدير عام مؤسسة الشرق للطباعة والنشر الدكتور نبيل طعمة فقال: «إن هذا الكتاب يضاف إلى سلسلة عديدة من مؤلفات السفير الدقيقة والمختصة بتاريخ شعبه وعلاقته بالشعوب الحية، وعندما خصنا السفير بطباعة كتبه القيمة لدى دار (الشرق)، شعرت بما أقوم به شعور كل سوري يسعى لخدمة أصدقائه حيث واجهنا معاً الصعاب وأدركنا من خلال ما قام به حجم النقص المعرفي في مكتباتنا الخاصة والعامة حول القضية الأرمنية وتلك المجازر الرهيبة التي حدثت لشعب آمن مشرق على الحياة، كان هدفه الوحيد من رسالته التي يجسدها في سلسلة كتبه إعلامنا بالعلم والإخلاص والوفاء للشعوب التي وقفت معه وساندته بقوة إيمانها بقضاياها العادلة المحقة، وتعرض الشعبان السوري والأرمني للمأساة ذاتها في زمنين مختلفين ووقعنا تحت ظلم الخلافة العثمانية التي حاولت وما زالت في حاضرنا الحديث استعادة الخلافة». يثري المكتبة العربية من جهتها قالت الدكتورة نورا أريسيان عضو مجلس الشعب ورئيسة جمعية الصداقة السورية الأرمينية: «إن السفير شرفني بتقديم كتابه الذي نحتفل بتوقيعه في مكتبة الأسد وتحت عنوان (ولادة الحلم المسلوب)، وهو بمناسبة مرور 100 عام على إقامة جمهورية أرمينيا الأولى، ويحتوي على فصول عديدة حيث تحدث عن أرمينيا وأرمينيا الغربية والشرقية بكل تفاصيلها والأحوال السياسية السائدة وتشكل الدولة الأرمنية، وتفاصيل أخرى عن تشكيل مجلس النواب والحركة الشعبية للمقاومة وعن سياسة التتريك، وعن الطورانية التي نفذت سياسة القتل والتهجير بحق الشعب الأرمني، وذلك في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، وإقامة دولة أرمينيا في عام 1918 حتى 1920». وأفادت أريسيان: «أن الكتاب يثري المكتبة العربية لأنه أول كتاب باللغة العربية يتطرق إلى نشوء وإقامة الدولة الأرمنية، ومن عنوانه فإنه يومئ إلى الحلم الأرمني بإقامة دولة أرمنية حيث أقاموا الدولة لمدة عامين وحققوا الحلم ولكن بقي مسلوباً بسبب تعدي تركيا على الأراضي الأرمنية آنذاك». هب ليحرر بلاده وقال مطران الأرمن الكاثوليك جوزيف آرناؤوط في كلمة ختامية: «إن أرمينيا تحررت في عام 1918 من نير العثمانيين الطورانيين ونالت استقلالها وأصبحت أرمينيا الحرة الموحدة، وهب الشعب الأرمني بأجمعه وبمختلف فئاته كأنه شخص واحد ليحرر بلاده من شبابه إلى شيبه ورجال السياسة والدين والفكر والاقتصاد وغيرهم إضافة إلى الأحزاب الوطنية المتنوعة في قلب هذا الشعب المناضل». نتعرض للتآمر نفسه ومن جانبه أكد عضو مجلس الشعب عمر أوسي: «أن الشعب الأرمني شعب عريق وهو من أبناء شعوب المنطقة وشعوب بلاد ما بين النهرين، حيث تعرض أيام حكومة الاتحاد والترقي لمجازر كبيرة في أواخر عهد الإمبراطورية العثمانية أيام أنور باشا وطلعت باشا وجمال باشا السفاح محاولين اقتلاع هذا الشعب العريق من بلده ووطنه وترابه وتآمروا عليه في ظل سكوت الدول التي تتشدق الآن بحقوق الإنسان وحقوق الشعوب، وتم قتل أكثر من مليون ونصف المليون أرمني وتشريد الباقي الذي لجأ جنوباً باتجاه الصحراء السورية وعاش مأساة تراجيدية وإنسانية فيها وما تزال قبورهم الجماعية في دير الزور والحسكة راسخة إلى الآن». وأضاف أوسي: «إن المأساة اليوم هي مشتركة بين شعبينا السوري والأرمني معاً ونتعرض للتآمر نفسه من أردوغان رأس النظام التركي على كل مكونات الشعب السوري والعرب والأتراك والأكراد وبقية القوميات من السريان والآشوريين وغيرهم، الذين تعرضوا لمجازر(سيفو) الشهيرة، والشعب السوري احتضن المكون الأرمني وأصبح جزءاً منه وله مساهمات كبيرة في الحياة الاقتصادية والسياسية والإدارية والثقافية السورية، وأعتبر نفسي صديقاً لهذا الشعب حيث حصلت على وسام الاستحقاق الذهبي من جمهورية أرمينيا، وتوقيع الكتاب للسفير بولاديان يحمل أهمية كبيرة لما تحمله كتبه من مرجعيات في المكتبات الدولية ليس فقط العربية ومترجمة إلى عدة لغات ولديه أيضاً مؤلفات باللغة الكردية والإنكليزية وغيرها». علاقات راسخة وجيدة وبدوره أكد العضو في مجلس الشعب الدكتور أحمد مرعي: «إن العلاقات السورية الأرمنية هي علاقات راسخة وجيدة، وكان موقف الإخوة الأرمن منذ البداية من موضوع الأزمة السورية إيجابياً وجيداً، ولدينا نواب في مجلس الشعب من الأرمن وهذا ما يؤكد أن الأرمن أصبحوا جزءاً من هذا النسيج الاجتماعي، ويدلّ صدور هذا الكتاب بمناسبة مرور 100 عام على إقامة جمهورية أرمينيا على أن الشعب الأرمني لا يزال مرتبطاً ببلده ووطنه، ومواظباً على إقامة وبناء الحلم، ووجود كتاب يؤرخ لهذه الحالة أمر إيجابي وجيد، ومشاركتنا في الندوة هو لتأكيد أنها وجميع النشاطات الثقافية وتوقيع الكتب شيء مهم وضروري». المؤلف في سطور آرشاك بولاديان سفير جمهورية أرمينيا لدى الجمهورية العربية السورية منذ آب 2007، وكان سفيراً لبلاده لدى دولة الإمارات العربية المتحدة بدءاً من عام 2002، وسفيراً غير مقيم لدى دولة الكويت ومملكة البحرين بدءاً من عام 2003، وكان قائماً بأعمال أرمينيا لدى دولة الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 2000- 2002، وشغل منصب مستشار وزير خارجية أرمينيا في الفترة 1998- 2000، وكان قبل ذلك مديراً لإدارة الأقطار العربية في وزارة خارجية أرمينيا في 1993-1998. وهو حاصل على درجة الدكتوراه في التاريخ من أكاديمية علوم جمهورية أرمينيا في عام 1984، وعلى درجة دكتوراه الدولة في علوم التاريخ في عام 1996 من الأكاديمية نفسها. الوطن