بداية القابضة

رئيس التحرير : عبد الفتاح العوض

رئيس مجلس الإدارة : د. صباح هاشم

من نحن اتصل بنا
أجنحة الشام

الفيزيولوجيا و الحب

الجمعة 28-08-2020 - نشر 4 سنة - 18268 قراءة

الفيزيولوجيا و الحب

 

إشراف الأستاذ الدكتور رشاد محمد ثابت مراد

Prof.Dr.Rashad Murad

إعداد باحثة الماجستير الصيدلانية رهف محمود محمد

 

 

مقدمة:

يبدأ الحب بعد انجذاب خاص بين شخصين. ويظهر ذلك من خلال روح الدعابة والضحك والرغبة في الحديث بينهما. وفي هذه المرحلة، يتم التركيز بشكل كبير على ما يقوم به أحد الطرفين، كما أن مميزات كل طرف يتم تضخيمها في عيون الآخر، في حين تُتجاهل العيوب.

إن الحب أمر بيولوجي بعمق، إنه يسود كل جانب من جوانب حياتنا وألهم أعمالاً فنية لا حصر لها. للحب أيضا تأثير عميق على حالتنا العقلية والجسدية.

 "القلب المكسور" أو علاقة فاشلة يمكن أن يكون لها آثار كارثية. الفجيعة تعطل فسيولوجيا الإنسان وقد تؤدي إلى الموت. وبدون علاقات المحبة، يفشل البشر في الازدهار، حتى لو تم تلبية جميع احتياجاتهم الأساسية الأخرى.
من الواضح أن الحب ليس مجرد "عاطفة"، إنه عملية بيولوجية ديناميكية وثنائية الاتجاه في أبعاد عديدة.

على سبيل المثال، التفاعلات الاجتماعية بين الأفراد، تثير العمليات المعرفية والفسيولوجية التي تؤثر على الحالات العاطفية والعقلية.
في الآونة الأخيرة فقط حول العلم اهتمامه إلى تقديم تفسير فسيولوجي لحالة الحب بما في ذلك الأساس البيولوجي للعلاقات الشخصية ولماذا وكيف أن الاضطرابات في الروابط الاجتماعية لها مثل هذه العواقب المنتشرة على السلوك و الفيزيزلوجيا.

 يمكن العثور على بعض الإجابات في معرفتنا المتزايدة بالآليات العصبية الحيوية والغدد الصماء للسلوك الاجتماعي والانخراط بين الأشخاص.

 

الوقوع في الحب...ضغط خالص!

حسب علم الأحياء العصبية لا يمكننا القيام بأي شيء أثناء الوقوع في الحب، إذ أن هناك حالة طوارئ مطلقة ومشابهة لحالة الضغط العصبي، لكن بالمعنى الإيجابي. وتوضح أن زيادة معدل هرمون الكورتيزول (هرمون يفرز نتيجة الإجهاد) لدى العشاق مهم جداً في تكوين نوعية الرابط بينهما، والذي يتوقون إليه بشدة.

وبعد وقوع شخص ما في الحب، فإن شدة المشاعر لديه تكون مشابهة لتأثير المخدرات، وذلك لأنه في كلتا الحالتين يتم تفعيل نظام المكافأة في الدماغ، ويشعر بقلق أقل ويرتفع المزاج لديه. فضلاً عن غياب أي أثر للاكتئاب. كما أن مشاعر الحب يرافقها غالباً رغبة جنسية كبيرة.

تختلف أراء علماء النفس حول مدة بقاء حالة الحب، والتي ربما ستنتهي في يوم ما. وبالنسبة لأولئك الأشخاص، الذين لا يستسلمون للمشاعر السلبية ويكافحون من أجل الحفاظ على الحب، تستمر الحياة بهدوء وتكون مليئة بالحب.

 أما هرمون الأوكسيتوسين (يُطلق عليه أيضاً هرمون الحب) فإنه يُنهي نشوة الحب الجميلة والمجهدة في نفس الآن، كما أنه يضمن الهدوء. ويمكن كذلك، للمشاعر الرابطة بين العشاق أن تتعمق، إذ يدعم بعضهما البعض حتى في الأوقات السيئة.

هل الحب ضرورة؟

إن الحاجة الأساسية للحب هي الربط بين شخصين يختاران العيش بحياة مشتركة بما في ذلك الالتزامات وإنجاب الأطفال، في حال اختيار شخصين بعضهما البعض لأسباب عقلانية، هناك خطر أن يأتي شخص ما آخر أجمل وأقوى وأفضل فينجذب إليه طرف ما والحب في هذه الحالة هو الذي يحمينا من أن يهرب مننا شريك الحياة.

وأشار ديفيد بوس أن الحب ينتصر على العقلانية، إذ أن الحب غير المشروط يحمي العائلة ويمنع الشركاء من البقاء في حالة تأهب دائمة والشعور بالقلق.

كما يعطي الحب الاستقرار للعائلة ويتم استثمار كافة الموارد المتوفرة في عائلة واحدة فقط من أجل ضمان بقائها و بقاء الأبناء.

لا حياة من دون حب

رغم مشاعر الحب الكبيرة يمكن للعلاقات الإنسانية أن تنهي وتصل إلى النهاية. وقال عالم النفس التطوري ديفيد بوس "فقدان الحب هو واحد من أسوأ التجارب، التي يمكن للشخص أن يمر بها"، وأردف: "هذا الألم النفسي لا يتجاوزه إلاّ الأحداث الرهيبة مثل موت طفل ما".

أثير الحب على الانسان

هناك ثلاثة مراحل عند الوقوع في الحب، عندما نحب فإن الأحداث التي تحدث بالمخ تشابه تماما الأحداث التي تحدث في الأمراض العقلية، وهناك علامات تدل على أننا في حالة حب مثل احمرار الخدين، تسارع ضربات القلب ورعشة وتبلل الأيدي.

فالحب يقع تحت رحمة كيمياء جسمنا الحيوية ويؤدي إلى تغييرات فيزيولوجية تجعلنا نشعر بسعادة مجهولة السبب ولكنه الحب!!

ماهي مراحــل الحــب الثلاثـــة؟

تتميز كل فئة بمجموعة هرمونات خاصة بها تنبع من الدماغ (الشكل 1).

Table 1: Love can be distilled into three categories: lust, attraction, and attachment. Though there are overlaps and subtleties to each, each type is characterized by its own set of hormones. Testosterone and estrogen drive lust; dopamine, norepinephrine, and serotonin create attraction; and oxytocin and vasopressin mediate attachment.

                                                                 الشكل 1: مراحل الحب الثلاثة.

 

المرحــلة الأولى: الشــهوة

الدافع وراء الشهوة هو الرغبة في التكاثر وهي حاجة مشتركة بين جميع الكائنات الحية، الشهوة تحدث بواسطة الهرمونات الجنسية التسـتوسـتيرون عند الرجال والأستروجين عند النساء.

 ولا يقتصر التسـتوسـتيرون على الرجل فقط ولكن له دور كبير في تحفيز الشهوة الجنسية عند المرأة، كما أن بعض النساء يفدن بأنهن أكثر دوافع جنسية في وقت التبويض، عندما تكون مستويات هرمون الاستروجين أعلى.

ينطوي الجذب على مسارات الدماغ التي تتحكم في سلوك "المكافأة"، والذي يفسر جزئياً لماذا يمكن أن تكون الأسابيع أو الأشهر القليلة الأولى من العلاقة مبهجة للغاية وحتى مستهلكة بالكامل.

الدوبامين، الذي ينتج من تحت المهاد، هو لاعب مشهور بشكل خاص في مسار المكافأة في الدماغ يتم إصداره عندما نفعل أشياء نشعر بالارتياح لها.

 في هذه الحالة، تشمل هذه الأشياء قضاء الوقت مع الأحباء وممارسة الجنس. يتم إطلاق مستويات عالية من الدوبامين وهرمون متعلق به نوربينفرين، أثناء الجذب. هذه المواد الكيميائية تجعلنا نشعر بالدهشة والنشاط والحيوية، حتى تؤدي إلى انخفاض الشهية والأرق مما يعني أنك في الواقع يمكن أن تكون "في الحب" بحيث لا يمكنك تناول الطعام ولا تستطيع النوم. في الواقع، قد يبدو النوربينفرين، المعروف أيضًا باسم noradrenalin، مألوفًا لأنه يلعب دورًا كبيرًا في القتال أو استجابة الطيران، والتي تبدأ بسرعة عالية عندما نكون متوترين وتبقينا في حالة تأهب.

لقد أظهرت عمليات مسح الدماغ لأشخاص واقعين في الحب أن مراكز "المكافأة" الأولية للدماغ، بما في ذلك المنطقة القطنية البطنية والنواة الذيلية، تشتعل كالجنون عندما يتم عرض صورة لشخص ما ينجذبون إليه بشدة، مقارنة عندما يظهر لهم شخص يشعرون بالحياد تجاهه (مثل أحد معارفه في المدرسة الثانوية القديمة).

 

أخيرًا، يبدو أن الجذب يؤدي إلى انخفاض في السيروتونين، وهو هرمون معروف بتورطه في الشهية والمزاج. ومن المثير للاهتمام أن الأشخاص الذين يعانون من اضطراب الوسواس القهري لديهم أيضًا مستويات منخفضة من السيروتونين، مما دفع العلماء إلى التكهن بأن هذا هو ما يكمن وراء الافتتان القوي الذي يميز المراحل الأولى من الحب.

 

 

المرحــلة الثانيـــة: الانجـــذاب

الانجذاب هو المرحلة الحاسمة والمثيرة في الحب وهو مرحلة الأحلام الوردية الجميلة فعندما يقع الناس في الحب فإنهم لا يفكروا إلا في الحب وهنا تقل شهيتهم للأكل وتقل ساعات نومهم ويفضلوا قضاء ساعات كثيرة من اليوم في الحلم بمحبوبهم الجديد. في هذه المرحلة تلعب مجموعة من الناقلات العصبية تسمى أحادية الأمين دوراً مهماً في إحداث تغييرات فيزيولوجية بالجسم وتشمل:

  1. الدوبامين الذي يفعل مسار الجائزة في الدماغ.
  2. الأدرينالين: وهو ينشط إفراز العرق ويزيد من سرعة ضربات القلب واحمرار الوجه وتوسيع حدقة أو بؤبؤ العين. ولذلك فأنا انصح المحبين بالنظر إلي عيون كل منهم للتأكد من أنه فعلا في حالة حب فإذا كانت الحدقة واسعة فإنه فعلا في حالة حب
  3. سيروتونين: وهو الذي يدفعنا أحيانا إلى حالة الجنون. فلا تتعجب إذا أصابك الجنون من الحب.

المرحــلة الثالثـــة: الارتبـــاط

وهي المرحلة التي تلي الانجذاب إذا كانت العلاقة ستستمر للأبد فالناس لا يمكن أن يظلوا في مرحلة الانجذاب وإلا سـتتعطل أعمالهم!

 والارتباط يمثل رابطة أبدية تجمع المحبين وتبني لهم أسرة سعيدة. وفي هذه المرحلة يفرز الجهازالعصبي هرمونان يقويان الرابطة الزوجية والاجتماعية

  1. أوكسيتوسين: ويفرز من تحت الوطاء وهو المسؤول عن الرابطة القوية بين الأم وطفلها، ويفرز من الجنسين أثناء قمة الثورة الجنسية عند الرجل والمرأة أثناء الجماع ويقوي الرابطة بين الرجل والمرأة. ويقول الباحثون أنه كلما زاد الجنس بين الرجل والمرأة كلما قويت الرابطة بينهما.
  2. . فازوبريسين: وله دور في استمرار العلاقة الطويلة بين الرجل والمرأة.

كيمياء الحب:

يحاول الباحثون تحديد المكونات العصبية والجينية الكامنة وراء حالة الحب وتحويل الحب لسلسلة من الأحداث البيوكيميائية.

ساعدتنا النماذج الحيوانية بشكل كبير ي همنا للآليات التي تنظم العواطف خاصة الخوف والقلق و أدت لتطور الأدوية التي لها علاقة بالخوف و القلق و الرهاب و اضطرابات ما بعد الصدمة، كما بدأ استخدامها لإلقاء الضوء على الحب.

لسنا وحدنا كبشر قادرين على تكوين روابط اجتماعية مكثفة فمثلاً، نشاهد الرابط الأمومي بين النعجة وحملها فهي تشبه لحد كبير الحب الأمومي عند الإنسان.

من المحتمل أن تشترك هذه العلاقات في الآليات العصبية في الدماغ المحفوظة تطورياً عند الإنسان والحيوان.

عند دراسة الموضوع عند النعاج، وجدوا أن هرمون الأوكسيتوسين الذي يحرر عند الولادة هو المسؤول عن الترابط السريع بين الأم وابنها حتى لو كان الحمل أجنبي، كما ان حدث إطلاق للأوكسيتوسين بالدماغ أثناء التزاوج.

في الحب يحدث إفراز شديد للدوبامين الذي يفعل مسار الجائزة في الدماغ مما يخلق نوع من الإدمان والنشوة بشكل مشابه للمخدرات.

وجد العلماء أن مناطق المكافأة تفعل بشدة عند رؤية الأم لأطفالها كما تظهر أنماط تفعيل مماثلة عند رؤية العشاق لصور بعضهم.

عند الرجال هناك مسارات كيميائية مختلفة على سبيل المثال الفازوبريسين هو هرمون مرتبط بإفراز الأوكسيتوسين:

  • يحفز الترابط الزوجي.
  • يحفز العدوان تجاه المنافسين المحتملين.
  • يحفز الغرائز الأبوية.

ترتبط أشكال مختلفة من جينة مستقبل الفازوبريسين بالاختلاف في ارتباط الأزواج وجودة العلاقة.

تظهر دراسة حدثة أن الرجال الذين يعانون من تغير معين بهذا المستقبل أن لديهم احتمال كبير أن يكملوا حياتهم من دون ارتباط، وإذا حدث ارتباط أو زواج ف يتم الإبلاغ عن أزمات في الزواج مايقارب ضعف الأزمات التي تحدث مع الأشخاص الطبيعيين.

دوائياً.. ؟!

أظهرت التجارب أن بخ الأوكسيتوسين في الأنف يعزز الثقة ويقوي العلاقات بين الأصدقاء والأزواج ويتم الترويج للعديد من المنتجات باسم (السائل المحسن للثقة) وهو مزيج من الأوكسيتوسين والفيرمونات مصمم لتعزيز العلاقات بحياتك.

كما أن هناك توجهات حالية لاختبارات جينية معينة على مستقبلات الفازوبريسين لمعرفة مدى ملائمة الشركاء المحتملين.


أخبار ذات صلة