ما هي الكتب المميتة؟ تثري رفوف المكتبات لكنها تسمّم قراءها!
الاثنين 09-07-2018
- نشر 6 سنة
- 6740 قراءة
لعب كتاب «أرسطو» المميت دوراً حيوياً وهاماً في رواية «اسم الوردة» للكاتب أومبيرتو إكو. ففي هذه الرواية، عمد الراهب «بنديكتين المجنون» إلى تسميم هذا الكتاب، ما تسبَّب في قتل جميع القراء الذين تصفَّحوا الكتاب أو حتى لمسوه عن طريق الخطأ. وقد مات الكثيرون جراء هذه الحاثة في أحد الأديرة الإيطالية خلال القرن الخامس عشر. فهل يمكن أن تتكرَّر هذه الحادثة مرةً أخرى في الواقع، أم هي مجرد خيال؟
هل يمكن للمرء أن يموت مسموماً بواسطة كتاب؟
في الحقيقة، نعم إن ذلك ممكن الحدوث، وبإمكان العلم أن يثبت ما قد يظنه البعض ضرباً من الخيال. ففي دراسة أجريت مؤخراً، اكتشف الباحثون أن ثلاثة كتب غريبة حول مواضيع تاريخية مختلفة في جامعة جنوب الدنمارك، تحتوي على كمية كبيرة من مادة الزرنيخ في أغلفتها الخارجية. ويعود تاريخ هذه الكتب إلى القرنين السادس عشر والسابع عشر.
كتب سامة أو مسمّمة
لقد اكتشف العلماء أن هذه الكتب سامةٌ، بعد إجراء سلسلة من تحاليل «فلورية الأشعة السينية». وتستخدم هذه التكنولوجيا تقنية تفريق الطاقة لتشتت فلورة الأشعة السينية، من أجل تحديد التركيب الكيميائي لمختلف أنواع المواد الكيميائية. ويعتمد العلماء على هذه التقنية في مجال علم الآثار وتاريخ الفن، للتحقق من العناصر الكيميائية في مادة السيراميك ولوحات الرسم التشكيلي.
ولكن، لماذا نقل الباحثان الكتب إلى المختبر دون تردد؟
رداً على هذا السؤال، صرَّح مؤلِّفا الدراسة، جاكوب بوفل هوك وكار لاند رامسون، بأنهما أخذا الكتب إلى المختبر بعد أن «اكتشفت المكتبة مسبقاً أن أجزاء من مخطوطات يعود تاريخها إلى فترة القرون الوسطى، مثل نسخ من القانون الروماني والقانون الكنسي، كانت تُستخدم في تغليف هذه الكتب». وأضاف بوفل هوك ورامسون أن «أصحاب الكتب الأوروبيين في القرنين السادس والسابع عشر كانوا يعيدون استخدام المخطوطات القديمة لوضعها على أغلفة الكتب». وقد أكد الباحثان أنهما يحاولان «التعرُّف على النصوص اللاتينية المستخدمة، أو حتى على الأقل التمكن من قراءة جزء منها». وقد أقرَّ الباحثان بأنه «من الصعب التمكن من قراءة النصوص اللاتينية المكتوبة على أغلفة المجلدات، بسبب وجود طبقة سميكة من الصبغة الخضراء، التي تحجب الحروف القديمة المكتوبة بخط اليد». وقد عمل الباحثان على نقل الكتب بشكل فوري إلى المختبر، من أجل التخلص من الصبغة الخضراء، حيث قاما بتحليل المواد الكيميائية المكونة للحبر، على غرار الحديد والكالسيوم، باستخدام تقنية «تفريق الطاقة لتشتت فلورة الأشعة السينية»، على أمل جعل ما كتب على أغلفتها قابلاً للقراءة.
والمفاجأة.. كانت طبقة الصبغة هي سم الزرنيخ
أظهرت الأشعة السينية أن طبقة الصبغة الخضراء تتكون أساساً من مادة الزرنيخ، وهو عنصر كيميائي موجود في الكثير من المركبات الكيميائية. ويعد الزرنيخ من أخطر المواد السامة، ويمكن أن يعرض حياة القارئ وصحته للخطر، على غرار تعزيز نمو الخلايا السرطانية، وقد يؤدي للموت. كما يعتبر الزرنيخ معدناً طبيعياً منتشراً بكثرة، ويمكن دمجه مع مواد أخرى مثل الكربون والهيدروجين.
الزمرد الأخضر المميت
وحسب كمية الزرنيخ ومدة تعرض الجسم لها، يؤدي التسمم بهذه المادة إلى التهاب المعدة والأمعاء والغثيان، بالإضافة إلى الإسهال وتغيُّر لون الجلد والتهاب الرئة. ويعود مصدر الصبغة الخضراء الذي يحتوي على مادة الزرنيخ في الكتب الثلاثة إلى العاصمة الفرنسية باريس، ومن بين أسمائه «أسيتات النحاس الثنائي». أما على المستوى الشعبي، فتسمى هذه المادة باسم «الزمرد الأخضر»، بفضل لونها الأخضر الجذَّاب الشبيه بلون الأحجار الكريمة. يعود تاريخ إنتاج هذه الصبغة الخضراء إلى بداية القرن التاسع عشر في أوروبا. وقد عمدت نخبة من الرسامين من رواد الحركة الانطباعية ورسامي ما بعد الانطباعية، إلى استخدام نسخ مختلفة من هذه الصبغة في تحفهم الفنية. وهذا يعني أن بعض الأعمال الفنية الموجودة في العديد من المتاحف اليوم سامة.
عربي بوست