في العيد الـ89 لميلاد أول مضاد حيوي في التاريخ.. "كسل" ألكسندر فلمنغ سبب اختراع البنسلين.. كيف ذلك؟
في العيد الـ89 لميلاد أول مضاد حيوي في التاريخ.. "كسل" ألكسندر فلمنغ سبب اختراع البنسلين.. كيف ذلك؟
الأحد 17-09-2017
- نشر 7 سنة
- 5805 قراءة
لم يكن العالم ألكسندر فلمنج يعرف أن الثمن الذي سيدفعه جراء إهماله وقلة نظافة معمله في إسكتلندا سيكون باهظاً جداً، بل الأثمن على الإطلاق حتى يعد اكتشاف القرن العشرين.
كيف كانت البداية؟
في عام 1927 كان ألكسندر فلمنغ يدرس خواص بكتيريا الستافيلوكوكس، وكانت أبحاثه واعدة جداً في مجال القضاء على هذه البكتيريا، حتى جاءت اللحظة التي لم يتوقعها العالم الشهير.
فبعد تخطيطه للذهاب في عطلة بصحبة عائلته، ومع ما عُرف عنه من الكسل، قام بوضع كل مزارع البكتيريا الخاصة بدراسته في جانب من معمله بلا اهتمام، ليُفاجأ بتكون عفن في إحدى المزارع، وبعد فحصها تحت الميكروسكوب وجد أن هذا العفن استطاع إيقاف نمو بكتيريا "ستافيلوكوكس".
وبعد عدة أيام، وتحديداً في مثل يومنا هذا الخامس عشر من سبتمبر/أيلول عام 1928، تم إعلان اكتشاف البنسلين كأول مضاد حيوي في التاريخ يستطيع القضاء على البكتيريا، أي قبل 89 عاماً.
ألكسندر فلمنغ قبل البنسلين
كانت الحرب العالمية الأولى في خضمها عندما ساعد ألكسندر فلمنغ الجنود المُصابين على الجبهة في الشفاء من بعض جروحهم باستخدام المطهرات، بل أن استخدامه للمطهرات أدى لاكتشافه الحقيقة المؤلمة أن المطهرات تسببت في وفاة بعض الجنود متأثرين بجراحهم.
والحقيقة أن ما حدث، وما اكتشفه فلمنغ لاحقاً،هو أن المطهرات كانت تؤدي لنتائج واعدة جداً في الحفاظ على الجروح من العدوى البكتيرية على السطح، وتحديداً تجاه البكتيريا الهوائية.
لكن الجنود المُصابين بجروح أكثرعمقاً أقل حظاً من أقرانهم إذا تلوثت الجروح ببكتريا لاهوائية يستعصي على المطهرات القضاء عليها، بل واكتشف فلمنغ أيضاً أن المطهرات تقتل بعض المواد الطبيعية التى يفرزها الجسم في محاولة الدفاع عن نفسه، مفسحةً المجال للبكتريا الضارة التي تتسبب في وفاة للجنود.
هل كان فلمنغ هو المخترع الحقيقي للبنسلين؟!
تدعي الأسطورة المنتشرة أن فلمنج لم يكتشف البنسلين، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك موضحةً أن البنسلين كان موجوداً قبل اكتشاف فلمنج بأربعة عقود على أقل تقدير؛ مرجعة الفضل في ذلك إلى العالم جوزيف ليستر عام 1884.
استطاع ليستر استخلاص سائل أخضر من عفن البنسلين واستخدمه في العمليات الجراحية، وقد وثق هذا ببعض الرسومات التوضيحية في أوراقه.
لكن لا يوجد في الحقيقة أية أدلة حول إذا كان فلمنغ استطاع الحصول على تلك الأوراق والاطلاع عليها أم لا حتى يُتهم بسرقة الفكرة.
ماذا بعد البنسلين؟
في بداية الاكتشاف لم يستطع فلمنغ عزل البنسلين بشكل مباشر لاستخدامه في العلاج؛ وذلك لعدم توافر الموارد اللازمة في معمله، خصوصاً وأن البنسلين في صورته الأولى لم يستطع الجسم امتصاصه إذا أُخذ عن طريق الفم.
في عام 1938 بدأ عالم الباثولوجي في جامعة أكسفورد هوارد فلوري العمل على المزارع الخاصة باكتشاف فلمنغ في معمله المُجهز بكامل الاحتياجات على عكس معمل فلمنغ، ليتمكن عام 1942 من إنقاذ أرواح العديد من الجنود في الحرب العالمية الثانية، مثبتاً للعالم أجمع أهمية اكتشاف ألكسندر فلمنغ في تحسين حياة البشرية.
أعماله.. تكريمه
حتى هذه اللحظة نعيش في ظل منافع هذا الاكتشاف العظيم؛ فكل التعديلات التي يتم إدخالها على تركيب الجزيئات الكيميائية الخاصة بالبنسلين -ما يؤدي إلى زيادة كفاءتها ومدى عملها بما يتناسب مع تطور العصر الحديث- لم تكن لتصل إلى النور دون اكتشاف البنسلين ذاته.
في عام 1945 نال ألكسندر فلمنغ وهوارد فلوري جائزة نوبل في الفسيولوجيا؛ نتيجة لإسهاماتهما المحورية في اكتشاف وتطوير البنسلين.
وفي عام 1955 وافت المنية ألكسندر فلمنغ قبل 44 عاماً من اختيار مجلة التايم له كواحد من أهم 100 شخصية مؤثرة في العالم.
فلمنغ يتنبأ بأزمة السوبر بكتيريا!
الجدير بالذكر أنه على الرغم من عظمة هذا الاكتشاف الهائل، إلا أنه في أوائل الخمسينيات نوه فلمنغ عن أضرار الاستخدام المُفرط للبنسلين، وقدرته على تكوين سلالات مقاومة من البكتيريا تهدد حياة العالم في المستقبل.
وهذا ما حدث بالفعل، إذ يعاني العالم أجمع من تبعات الاستخدام المفرط للمضادات الحيوية، وظهور مصطلح "الآفات الخارقة" للكثير من أنواع البكتريا حسب وصف منظمة الصحة العالمية، الأمر الذي سيهدد بقاء البشرية، ويعيدنا للقرون الأولى التي شهدت انتشار وباءات فتاكة كالكوليرا والطاعون؛ حيث سيصبح بإمكان أي عدوى بكتيرية بسيطة أن تنهي وتجهز على حياة الملايين من البشر بسهولة.
هاف بوست