رسائل أنسي الحاج الى غادة السمان.. حب بالكلمات
اثارت الكاتبة السورية غادة السمان غضب الاعلام وغضب نشطاء التواصل الاجتماعي وذلك بنشرها لرسائل الشاعر أنسي الحاج إليها .تلك الرسائل التي فضحت تولهه فيها( وحاجته إليها )على حد قوله ( ليتك تعلمين كم أنت كل شيء في صيرورتي إما أنت وإما النهاية )
لقد ضربت الكاتبة غادة السمان بنشرها لهذه الرسائل عصافير عديدة بحجر وا حد
اولا_ جاءت هذه الرسائل كاماءة ذكية منها تشير الى ضرورة تجديد البيعة لهذا النوع من ا الادب الراقي الماضي بخطى حثيثة الى نهاياته المفجعة فجاءت هذه الرسائل كمبادرة فردية استباقيةللعمل على تنشيط هذا النوع الادبي ومنعه من الانطفاء
ثانيا _جاءت تاكيدا على فرادتها فهي اشارة الى ان لديها من هذه الذخائر ما لم يمتلكه او يتوفر لسواها مستدرجة بذلك المتلقي الشغوف بشعر الشاعر انسي الحاج ليكون ضمن صفوف المعجبين بمسيرتها الحياتية والادبية والمتابعين لقلمها الحر الجريء خاصة بان هذه الرسائل تثبت كم كانت معشوقة وكم كان متيما بها وهي المثقفة الند الذي لم تكن بالنسبة اليه مجرد امل بل كانت الامل الهارب الى نعيم التلاشي
ثالثا _ لقد نشرتها بعد ذاك الضجيج الذي اعقب نشرها لرسائل الكاتب غسان كنفاني الذي كانت تبادله حبا بحب وهاهي كالعادة رابطة الجاش جريئة تعود لتجر القاريء الى واحتها الادبية المتنوعة من جديد لاغية بذلك فعل الزمن
لا يمكن بالواقع ان نعتبر نشرها للرسائل مجرد وسوسة شيطانية ابليسية
فهي ليست مجرد امتثال لاهواء فضائحية كما يظن البعض
كما لا يمكن اعتبارها مجرد رغبة ذاتية مهندسة هدفها ايقاظ الذاكرة على مجد ادبي يتفلت ربما من بين يديها بفعل الزمن والظروف
لان هذه الرسائل هي بحد ذاتها ذخائر فكرية وبدائع ادبية راقية وعالية المستوى مفعمة باللغة والدلالات ترتسم صورة للعصر وسبل التعبير عنه
كما ان نشر هذه الرسائل لا يتركنا نهبا للاستسلام الكلي لفتنة التواصل الحديث وادواته المتنوعة واغواءاتها وفتنة الاندفاع نحوها وامتثالها والانغماس في عوالمها حد الغرق
رابعا _ربما ارادت ان تؤكد لقرائها من جديد بانها لا تقل شانا عن النساء العظيمات اللواتي خلدتهن رسائل عشاقهن مثل جوزفين زوجة نابليون بونابرت وجوليا ما لا رمين ورسائل بيتهوفن لانطوني ورسائل الفيلسوف العربي ابيلاب الى حبيبته هلواز الفاتنة ورسائل الاسكندر الى دارا وغيرهم
واما من خاض عميقا في لوم الشاعر انسي الحاج واندفاعه في حب وحيد الجانب حيث تؤكد الكاتبة غادة السمان بانها كانت تلتقي بالشاعر في مقاهي بيروت ولم تجبه على رسالة واحدة من رسائله المتيمة اللاهثة فان شعر الشاعر انسي الحاج ومفهومه حول الحب هو خير جواب لهؤلاء
ان حاجة انسي الحاج التي اخذت عليه كماخذ وهو المتزوج وهو الاب وهو الذي لا يخون لم تكن حاجة جنسية لم تكن نزوة جسدية فهو قد وضح ذلك برسالته الاولى اليها حيث قال ( بحاجة الى انسان يتناسب في ذكائه واحساسه وطاقاته جميعا الايجابية منها والسلبية مع ما انا فيه وما ساصير فيه ويعترف بالرسالة ذاتها بانها اهل لان تكون هي هذا الانسان اذن كان اندفاعه وراء الذكاء والحس ومن تمتلك المواهب كلها ولا تعطي الا الحاجة اليها اي لم تكن سهلة المنال كان انسي الحاج بحاجة الى من تصنع نظاما لقلقه وجحيما لطمانينته فهو قد اراد ان يحبها ولم تقتحمه اقتحاما وهو يحب ان يحبها كنموذج للمراة ( انني احب ان احبك لانك تمثلين خشبة الخلاص الوحيد والممكن واللاممكن قررت انني اريد ان احبك خذيني افتحي لي بابا افتحي لي قبرا
ما املكه فيك ليس جسدك بل روح الارادة الاولى
ليس روحك بل روح الحقيقة قبل ان يغمرها ضباب العالم
ما امسكه فيك ليس جسدك بل قلب الله
كل قصيدة هي قلب الحب
كل حب هو قلب الموت
يخفق باقصى الحياة
لم يكن حبا جسديا كان بحثا عن انسانية مميزة فهو لا يود ان يصنع امراة ويحبها هو يود امراةتكون اهلا لطموحاته واهوائه تتقدس على يديها الكلمات تسكب نارها على عقله وهو الوحيد الذي ينزل مع الندى والوحيد الذي يرتفع مع الهواء ارادها امراة مشحوذة الحس مميزة ولكن لم يكتمل قمر استراحته لقد كتب بعد انخماد نار ذاك الحب وترمد اجمل قصائد الحب وامتعها
اما لماذا لم تنشر رسائل انسي الحاج ورسائل غسان كنفاني الا بعد موتهما
فيبقى السؤال ومعه كلمة ربما من باب الاحتراز على حياتهما الزوجية من جهة ودفعا للفهم الخاطيء لهذا النوع من الحب الذي كل امواجه العارمةا لعاتية تمضي في عالم التمني وعلى بحار من ورق
ولا سيما بان قصائد انسي الحاج اللاحقة كانت ايضا غاية في الروعة
اقسم ان احاول استحقاق نجمتك على كتفي
اقسم ان انسى قصائدي لا حفظك
اقسم ان اكون المسافة بين كلمتي احبك احبك
اقسم ان ارمي جسدي الى اسود ضجرك
اقسم ان تكون غرفة انتظاري الغيرة ودخولي الطاعة واقامتي الذوبان اقسم ان اكون فريسة ظلك
اقسم ان اظل اشتهي وان اكون كتابا مفتوحا على ركبتيك
اقسم ان اكون انقسام العالم بينك وبينك
لاكون وحدته معك
اقسم ان اناديك فتلتفت السعادة
اقسم ان احمل بلادي في حبك
وان احمل العالم في بلادي
اقسم ان احبك دون ان اعرف كم احبك
اقسم ان يطير عمري كالنحل في قفير صوتك
اقسم ان انزل من برق شعرك مطرا على السهول
اقسم كلما عثرت على قلبي بين السطور ان اهتف وجدتك وجدتك