الوزيرة السابقة د . ديالا حج عارف : الدكتور ( الشهبندر ) راتب الشلاح :
نودع اليوم رجلًا من طراز نادر، رجلًا كان مزيجًا فريدًا من القوة واللين، من العزم الذي لا يستكين ، والرحمة التي تسكنها الحكمة.
الدكتور راتب الشلاح لم يكن مجرد “شيخا للتجار” أو “شهبندرًا” لرجال الأعمال، بل كان مدرسة بحد ذاته، فلسفة تسير على قدمين، يدرس فيها كل من اقترب منه كيف تتماهى الإنسانية مع القوة، وكيف يلتقي العقل الحاد بقلب رحيم.
لم يكن رجلًا من الذين تحكمهم المعايير المتداولة، بل تجاوزها ليؤسس لنفسه طريقًا خاصًا:
ثابتًا كالجبل في موقفه، منحنيا بتعمد أمام الضعيف، وكأنما يرغب في أن يحمل الآخرين معه نحو الأعلى.
تلك القوة الداخلية، الصامتة، لم تكن لتصرخ، لكنها كانت حاضرة في كل حركة، في كل قرار، وفي كل لحظة مرافقة لأولئك الذين من حوله، تمنحهم حضورًا لا ينسى، وتجعلهم يرون في أنفسهم شيئًا لم يعرفوه من قبل.
عرف كيف ينساب في عمله كالنهر؛ صامتًا حين يتطلب الأمر، جارفًا حين يستدعي الموقف، ثابتًا في التزامه بمبادئه كأنها قانون سرمدي، لكنه أيضًا كريما لا يبخل بعطاء. هكذا كان عظمته: خليطًا من الصرامة الإنسانية، ومنطق القوة المتواضعة، وإحساس الراعي الذي يعرف كيف يتألق في الظل دون ضجيج.
ما كان الدكتور راتب رجلًا عابرًا في الزمان، بل كان حضورًا لا ينسى؛ عقلانية لا تجردها الحكمة من العاطفة، وإنسانية لا تنزلق إلى الضعف، ليبقى بذلك مثالًا نادرًا يتعاقب عليه الزمن ولا يستطيع تجاوزه.
رحل عنا اليوم، لكن روح مبادئه وقوة إرادته ستظل درسًا نحتذي به، وعهدًا غير مكتوب يتعاقب عليه كل من عرفه، ليظل بيننا رمزًا خالدًا، لا يبهت في قلوبنا أبدًا.
د. ديالا الحج عارف