على خلفية ازدياد الاحتياجات الطاقية ..دراسة تدعو لإلغاء الدعوم الضارة بيئياً
صاحبة الجلالة – حسن النابلسي
دعت دراسة حديثة صادرة عن المركز الوطني للسياسات الزراعية إلى سن التشريعات لحماية البيئة من الاستثمار الجائر وتدهور الموارد الطبيعية وإزاحة العقبات التي تعوق بناء وتقدم الاقتصاد الأخضر، كما دعت الدراسة التي –حصلت "صاحبة "الجلالة" على نسخة منها - وحملت عنوان الاقتصاد الأخضر كوسيلة لمعالجة أضرار الجفاف وآثار الأزمة الراهنة على الزراعة والتجارة الزراعية السورية" إلى تحري السياسات المالية التي لا تعكس التكاليف البيئية لاستخدام الموارد وإلغائها تدريجياً عن طريق وضع جداول زمنية للتخلص من ما يسمى بالدعوم الضارة بيئياً. وحذرت الدراسة من ألا تقدم السياسات المطبقة حافزاً للاستهلاك الأخضر و"البني" في آن معاً.
وأوضح معد الدراسة محمود ببيلي في تصريح خاص لـ"صاحبة الجلالة" أن الدعوم الضارة بيئياً هي تلك المرتبطة بهدر المواد الداخلة بالإنتاج وما يلحقه هذا الهدر من ضرر على البيئة، فدعم المياه كأحد مستلزمات الإنتاج الزراعي وتأمينها بشكل مجاني للفلاح يشجع الأخير على هدرها بشكل أكبر منه في حال بيعها، وبالتالي فإن هدر المياه وري التربة بأكثر من حاجتها يلحق الضرر بها. كذلك الأمر بالنسبة لدعم الصيادين إذ أن دعمهم قد يؤدي إلى الصيد الجائر، والأمر ذاته ينسحب على دعم السماد...الخ.
وجاءت توصيات الدراسة هذه على خلفية حقائق توصلت إليها أبرزها أن الاحتياجات الطاقية ستزيد منذ الآن وحتى العام 2030 بنسبة 40% وهذا ما سيفاقمتدهور البيئة بأشكال متعددة "وهي المتدهورة أصلاً" وبالتالي فإن الاعتماد على موارد الطاقة غير المتجددة سيزيد بنسبة 65%حتى العام 2035. وبالتالي فإن ذلك سيضع العالم على مسار حتمي خلال خمس سنوات من تاريخه بحيث تزيد حرارة الكوكب درجتين مع نهاية القرن الحالي. لذلك فإن الحل الوحيد لمنع هذا السيناريو الكارثي من الحدوث هوجعل كل الاحتياجات الطاقية المستقبلية من نوع صفر كربون "طاقة نظيفة".
وبالنتيجة بينت الدراسة أن التحدي الرئيسي المزدوج هو الحاجة الماسة لتخفيض الانبعاث الغازي لتجنب التأثيرات الرهيبة للدفيئة العالمية، والحاجة الماسة لزيادة إنتاجية المواردالطبيعية المتاحة لمواجهة الطلب غير المسبوق على المياه النظيفة والغذاء والتنمية المدينية.
وبينت الدراسة أن القطر يعاني شأنه في ذلك شأن بقية دول المنطقة من ظاهرة التصحر والجفاف نتيجة التغيرات المناخية العالمية وارتفاع حرارة الكرة الأرضية خلال القرن الماضي، كما يعاني بالمقابل من حالات استثمار مفرط للموارد الطبيعية المتاحة، وهي تحصل نتيجة التزايد السكاني ومحدودية الموارد في نفس الوقت، إلا أن ما فاقم أزمة القطر وجعلها أكثر وطأة هو الأزمة الراهنة التي أصابته والحرب الإرهابية المفروضة عليه والمترافقة بعقوبات اقتصادية قاسية وغير مبررة مماجعل القطاع الزراعي وبقية القطاعات الإنتاجية يتأثر سلباً بشكل مضاعف وتتراجع معدلات الإنتاج والتجارة الزراعية بشكلمضطرد، وخاصة خلال السنوات الأولى من الأزمة.
وبين ببيلي أن الدراسة تطرح مفهوم الاقتصاد الأخضر كحل استراتيجي يعالج آثار التغيرات المناخية السلبية ويساهم بفعالية بوقف زحف التصحر ونضوب الموارد الطبيعية، كما يستطيع أن يعالج جزئياً تأثيرات الأزمة الراهنة الضارة علىالزراعة والتجارة الزراعية. ونوه ببيلي إلى أن الدراسة تستند في هذه الفرضية إلى التجارب الأولية الناجحة للعديد من الدول وخاصة الأفريقيةوالتي تمكنت من خلال تطبيق مبادئ الاقتصاد الأخضر -وإن جزئياً- من تقديم نتائج بيئية وتنموية واعدة .