أصوات سورية للزواج المدني

صاحبة_الجلالة _ بشار دولة

كثيرا ما نسمع في توقعات الأبراج على بعض الأقنية والمواقع الإلكترونية مصطلح الشريك المناسب أو العلاقة المثالية وغيرها من المسميات التي يلجئ إليها بعض مفسري الأحلام ومتوقعي حظوظ الأبراج ، لكن بعيدا عن التنجيم والتبريج ومحاولة تحري صحته أو خطأه ، فنحن ليس بصدد مناقشة واقعية هذه الاحتمالات ، فنحن نبحث هنا مصطلح الزواج الإنساني ،والعثرات التي تقف في وجهه ،وكيف يغدو الدين عائقا كبيرا في وجه عاشقين أرادا زواجا شرعيا وقانونيا .

اليوم ومع الامتداد التاريخي لأسس الزواج وتطور وتبدل حيثياته وضوابطه بداءا من مقدمات الزواج التي قد يكون الحب سببها أو ما نسميه بالزواج الشرقي وهو اختيار الأم أو الأهل الزوجة لابنهم ، مرورا بشروط العلاقة من صداق المرأة وموافقة أهل الزوجة أو الزوج على شروط الزواج وحيثيات عيشهم وتآلفهم في علاقة مديدة.

ورغم ضوابط الأديان والشرع وتغلبها قليلا على العادات والتقاليد، ورغم حّض الإسلام على الزواج الذي يكون فيه المتقدم على أخلاق حسنة ودين قّيم من غير النظر لخلفية الشاب السياسية والاجتماعية حتى، أو كمية ما استحوذ عليه من المال أو الجاه ،فإسلام محمد اختصر كل هذا وقال : من أتاكم من ترضون به دينا وخلقا فزوجوه ".

ومن بعض العثرات التي تقف في وجه الشاب والفتاة اليوم ،وتعترض طريق حبهم الذي من المفروض أن يكلل بزواج شرعي إنساني على عيون العوام .

أولا :اختلاف الأوضاع المادية والإجتماعية والثقافية لأحد الطرفين سواء من المعنيين بالزواج أو من أهل المتزوجين ثانيا وهو ما سنناقشه هو الاختلافات الدينية والعقائدية بين الطرفين أو أهل الطرفين .

نسمع كثيرا اليوم عن قصص حب لم تتوج بالزواج بسبب كون الفتاة من بيئة دينية(x) تخالف بيئة الشاب الدينية (y ) وعلى الأغلب كلا الطرفين يكونا على وفاق تام من حيث التصالح مع فكرة أن لكل إنسان عقيدته الذاتية المختلفة عن الآخر، وهذا أمر شخصي المفروض أن لا يتدخل فيه أحد ، لكن يبقى السبب الأكبر في عدم إتمام العلاقة وإشهارها في زواج شرعي ، هو عدم موافقة أحد الطرفين بسبب الخوف من المجتمع ،ذلك أن تزويجيهم لابنهم أو لفتاتهم من طرف يخالف فيه دين آبائهم هو مشكلة كبيرة تعرّضهم ربما للنبذ العائلي والمجتمعي ،كأن يتزوج الشاب من الفتاة التي أحب لكن عليه أن ينذوي عن مجتمعه الديني أو الثقافي الذي أصبح يراه خارجا عن دينه بمجرد الزواج من فتاة تخالف دين مدينته أو قريته .

في هذه المسألة غالبا لا يكون الدين هو السبب إنما عادات المجتمع المتزرعة باسم الدين ، لأن في هذا الزواج اختلاف مفصلي كبير سيؤثر على حياة الزوجين وأولادهما على امتداد العقود على حسب قول الأهالي، ولسان حالهم دائما عند أول مواجهة، قولهم : " لي ما بياخد من ملتو بيموت من علتو "، ولأن الإنسان دائما يخاف مخالفة ماتعود عليه، يبقى بعض الحب مسجون في زنزانة العيب والحرام والخوف المجتمعي وليس الآلهي ، ولو أن هناك بعض الأديان أو الطوائف التي لا تجيز الزواج من الأديان الأخرى.

وقد تُحل هذه المشكلة أحيانا بأن يتخلى أحد الطرفين عن دينه ومعتقداته الشخصية بغية إرضاء الطرف الآخر أو إرضاء بيئة أهله حتى يتم الزواج الطبيعي أو الشرعي على حسبهم، مثلا تضطر فتاة لا تضع حجابا أن تلبس الحجاب وتدين بدين أهل حبيبها رغم أنها غير مقتنعة بهذه العادات أو العقائد ، وكل هذا لأجل الحب الشجاع الذي لا يأبه لكل الاختلافات سوا أن يريد تقارب المعشوقين في جو روحي تملاه السكينة

ولا نعلم قد يكون الحل شرعنة الزواج المدني في سوريا حتى تحل هذه المعضلة بين الشبان والفتيات وحتى تنعم مجتمعاتنا في جو القانون الذي يبيح القرب الروحي أو الزوجي بين الحبيبين بمجرد الحب والانسجام، دون النظر لدين الآباء والأجداد أو معتقداتهم السياسة أو حتى العشائرية .

وربما نحتاج أيضأ لنهضة ثقافية فكرية تحاول التوفيق مابين الأديان وثقافة المجتمعات المختلفة في مسألة الزواج، كون الدين جزء كبير لانستطيع اجتزاءه من حياة المجتمعات العربية وخصيصا السورية .