عمرو سالم يكتب: مسلسل خريف العشاق.. وثيقةً هامّةّ لتحوّلات زمن من اهمّ الأزمنة
صاحبة_الجلالة _ متابعة
لا يحتاج القارئ النهم والباحث عن المعلومات إلى أن يكون ناقداً دراميّاً أو فنيّاً لتمييز قيمة الأعمال الفنيّة ...
حقبة الستينيّات والسبعينيات من القرن الماضي هي من أهم الحقب في العالم وفي سوريّة بشكلٍ خاصّ وهي الّتي شهدت اصطدام أفكار ثوريّة متعاكسة الاتّجاهات ...
وشهدت هزيمة الخامس من حزيران والكثير من الأحداث السّياسيّة التي نعيش آثارها ...
ومن يبحث في الكتب عن التغيرات السياسيّة والفكريّة والعلاقات الأسريّة والفرديّة بين النّاس، لايجد إلّا تاريخاً كتبه أشخاصٌ يعتبرون أنّهم كانوا يمثّلون الحق المطلق، وغيرهم يمثّل الباطل المطلق بغضّ النّظرإن كانوا من جانبٍ أو آخر ...
وكان أكثر من يصف كلّ الأطراف هو الحماسة العفويّة والإحباط من جهةٍ أخرى ...
وأعادت حرب تشرين عام ١٩٧٣ الكثير من الهمم المحبطة إلى حماستها، لكنّ التحوّل الاستهلاكيّ في السبعينيّات في سوريّة والوطن العربي أحدث تحوّلاً جديداً وعميقاً لدى نفس الذين كانوا شباباً يحمل الفكر الثّوري ...
ووسط الشّحّ الشديد في رصد الفكر والعلاقات والتحوّلات، لم يظهر أي كتابٍ يتعمّق بتلك التغييرات التي يعيش كلّ من كان صغيراً أيامها أو ولد بعدها، يعيش نتائجها في مختلف جوانب حياته دون أن يعرف سببها وبالتّالي لا يستطيع اختيار نجاحاتها والبناء عليه وتطويره، ولا اختيار إخفاقاتها لكي يتداركه ويتجنّب الوقوع فيه مرّةً أخرى ...
يأتي مسلسل خريف العشّاق الذي كتبته الأستاذة ديانا جبّور، ببحثٍ وعمقٍ غير مسبوقين ...
من خلال قصّة أصدقاء وأقارب قاتلوا معاً ببسالة وأصيب بعضهم وأنقذ بعضهم بعضاً وعاشوا كأسرةٍ واحدةٍ ...
وبمنطقيّةٍ وموضوعيّةٍ دون إجحافٍ لأيٍّ من شخصيّات عملها ...
فعرضت من أفسدتهم نشوتهم ومن حافظوا على مبادئهم، دون أن يكون لدى أحدّهم شرٌّ مطلق أو خيرٌ مطلق ...
بل عرضتهم كبشر مثل أي بشر، تؤثّر فيهم الظروف بدرجاتٍ مختلفةٍ ومنهم من يصمد ومنهم من يسقط ...
كلّ ذلك في حبكةٍ دراميّة رائعةٍ تنقل المشاهد بين الابتسام والضحك والبكاء او الاكتئاب في لحظات ...
وتجيب له عن أسئلة كانت لديه ولم يكن يعرف لها جواباً ...
وسيبقى هذا المسلسل وثيقةً هامّةّ لتحوّلات زمن من اهمّ الأزمنة. دون أي تفريط بأرقى أسس الترفيه الّذي هو من أهمّ ركائز الدراما ...
فكان عملاً جميلاً يجمع بين القيمة الكبيرة والحبكة المشوّقة المحترفة والتمثيل الجميل ...
عمرو سالم: تزول الدّنيا قبل أن تزول الشّام ...
.
يرجى عدم اقتطاع جزء عند النقل.