عجيبة علاقتنا مع الله تتذبذب زيادة ونقصاناً حسب الحاجه له
إعداد وسام النمر
أليست علاقتنا معه كافية حتى ينجينا ؟
أليس الله تعالى عالم بالحال وبالتالي هو غني عن السؤال ؟
لماذا عندما نحتاجه ندعوه ونطلب منه علماً أنه يعرف حاجتنا ؟
يقول الشيخ الأكبر محي الدين بن عربي : "كل صبر على بلاء يمنعك من الدعاء لله في رفعه لا يعول عليه" . ويقول تعالى : ( وأيوب إذ نادى ربه أني مسني الضر وأنت أرحم الرحمين ) مع أن سيدنا أيوب مضرب المثل في الصبر , يتبين من ذلك أن العبودية تقتضي الدعاء بغض النظر عن الحاجة وعدمها , فقد قال تعالى مادحاً بعض أنبيائه ( ويدعوننا رغباً ورهبا ) فليس من الورع أو الصبر أو علو المقام أن يترك العبد الدعاء استنكافاً عنه .
الدكتور ماهر الزامل - عضو اللجنة الإعلامية لمكافحة المخدرات في قيادة شرطة ريف دمشق وعضو فريق الدعم النفسي في قيادة منظمة طلائع البعث , وعضو لجنة فحص الأئمة والخطباء في وزارة الأوقاف يروي قصة علاقته مع الله قائلاً :
علاقتي مع الله ... عجيبةأتمنى وأحلم أن تكون علاقتي ناجحة مع الله سبحانه وتعالى , وكثيراً مانسوّف في حياتنا ونؤجل تحقيق ما نريد فيه وتمضي بنا السنون ونحن مكاننا، ولن نتقدم خطوة واحدة إلا إذا بنينا أنفسنا وجددنا ذواتنا وشيدنا لأنفسنا صرحاً مشيداً ..
فكلما كانت تشتد بي مِحنة من المِحن و تزحف الهموم لتغطي مساحات كانت صافية من حياتي و تنحدر المخاوف من عقلي إلى قلبي! أبدأ بتلقائية مخلصة في البحث عن منقذ ، بالبحث عن مغيث ليساعدني وينتشلني مما أنا فيه , أبدأ بتلقائيه عجيبة برفع رأسي إلى الأعلى ، و تبدأ ملامحي في الانكسار إلى العليّ الأعلى ، وأرفع ذراعي وكفي بالتضرع إليه سبحانه وتعالى بالدعاء..
وهذا ما حصل معي بمرض ألم بي في ركبتي وعندما كنت في الحج تضرعت إلى الله سبحانه وتعالى بأن يزيل عني ما ألم بي وبدأت بالدعاء والتضرع وبشرب ماء زمزم والمسح على ركبتي بماء زمزم ولله الفضل والمنة لم أنتهي من أداء فريضة الحج إلا وقد زال الألم بفضله وجوده وكرمه.
وكنت ألتجئ إلى الله تعالى في كل أفراحي وأتراحي وفي أي حادثة أو أزمة أمرُّ بها...
أعرفه بصفاته وعظمته , نؤمن به عز وجل تمام الإيمان , و العجيب حقاً أننا لا نهرع إليه إلا حينما نشعر باحتياجنا إليه .... وعجزنا المفرط لفعل أي شيء بدونه ..
تذكر معي : تفاصيل آخر مرض لك, أو آخر مِحنة ألمت بك , تذكر معي كيف كنت ذليلاً إلى الله , كيف كنت تدعو في تذلل ومودة ورجاء أن يتقبل منك ويرفع عنك البلاء , تذكر كيف كنت محافظاً على الصلاة والدعاء , تذكر كيف تقلصت سيئاتك إلى الحد الأدنى , وأصبحت على مقربة من الأولياء ذوي الدرجات العُلى , والآن أدعوك أن تتذكر لحظات رُفع عنك البلاء فيها، و شُفيت من المرض، و زالت عنك المحنة, هل تتذكر شيئاً عن علاقتك بالله بعدها ؟؟؟
لا تتعب نفسك فأجزم بأني أعرف أنك لا تتذكر سوى سعادتك الغامرة بزوال المحنه و الكرب , ثم بتثاقل قدميك و أنت ذاهب إلى الصلاة , ثم بعدم التذلل و الإلحاح في الدعاء , عجيبة علاقتنا مع الله تتذبذب زيادة و نقصاناً حسب الحاجة وعلى قدر المحن , و كأن من يحظى بحب الله هو المُصاب دائماً , لذا فهو دائماً في حاجة إلى الله , أو بمعنى أدق : /في عبادة متصلة بالله/...
لذا عندما استمع إلى مقولة : "المؤمن مصاب " أتعجب منها وأعتبر عكسها هو الصحيح ، أي أن : المُصاب مُؤمن , مما نعلم أن كلمات الله تعالى هي كالندى على القلب اليابس عندما نتأملها تعترينا الراحة والسكون بعد حياة فيها القلق والاضطراب بعد معترك الحياة , ومن ينجح في علاقته مع الله يجعل الله له في حياته يسراً وفرجاً ومن يتق الله يجعل له مخرجاً.