مبـادرات أوروبية لحماية الممتلكات الثقافية
من أجل مناقشة إجراءات التعاون، وتنظيم وتطوير الإطار العالمي لحماية الممتلكات الثقافية ومنع السرقة والتنقيب والاتجار غير المشروع بالمنتجات الثقافية، نظمت الرئاسة القبرصية للجنة مجلس الوزراء الأوروبي، والأمانة العامة للمنظمة، يوم أمس الأول مؤتمراً بشأن مبادرات لتعزيز القدرات الدولية لحماية الممتلكات الثقافية في مقر المجلس الأوروبي، في مدينة ستراسبورغ، في فرنسا.
المدير العام لليونسكو السيدة «إيرينا بوكوفا» أبدت خلال لقائها مع الوفد السوري الذي يرأسه المدير العام للآثار والمتاحف الدكتور مأمون عبد الكريم، دعم اليونسكو الكامل في سبيل إنقاذ التراث السوري وتقديم كل أشكال الدعم من أجل إحياء والحفاظ على مدينة حلب.
الدكتور مأمون عبد الكريم ركّز خلال محاضرة له ألقاها في المؤتمر على حجم الدمار الكبير الذي أصاب المواقع الأثرية بسبب عصابات الآثار المسلحة، والتحديات التي تواجه عمل الآثاريين في هذه الظروف العصيبة، لافتاً إلى الإجراءات التي قامت بها المديرية العامة للآثار والمتاحف في سبيل إنقاذ الأغلبية المطلقة من المقتنيات الأثرية في المتاحف وكيفية نقلها إلى أماكن آمنة، كما تطرق إلى المخاطر التي تعرض لها بعض من المتاحف الواقعة في المناطق الساخنة والسعي من خلال المجتمع المحلي لتحييدها والدفاع عنا وحمايتها من السرقة، وعلى الدور الذي قامت به الجهات المختصة في سورية لاستعادة أكثر من سبعة آلاف قطعة أثرية قبل تهريبها من سورية.
وأشاد عبد الكريم بالتعاون المثمر والبناء مع المجتمع الدولي ممثلاً باليونسكو والأنتربول والجمارك الدولية والجهات المعنية ذات الصلة لمكافحة عمليات التهريب والاتجار بالآثار، وناشد المجتمع الدولي للقيام بواجباته تجاه التراث السوري على اعتباره جزءاً مهماً من التراث العالمي.
جمع المؤتمر خبراء حكوميين وصنّاع السياسة والخبراء الأكاديميين، إلى جانب ممثلين عن المنظمات العالمية والمجمع النيابي للمجلس الأوروبي، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، والمعهد العالمي من أجل توحيد القوانين الخاصة، والمجلس الأوروبي لمشاكل الجرائم، إضافة إلى اللجنة التوجيهية للثقافة والتراث والمشهد الطبيعي، ولجنة الخبراء في مكافحة الإرهاب، ومجلس الجرائم المتعلقة بالممتلكات الثقافية.
وكان افتتح المؤتمر «ثوربيورن ياغلاند» الأمين العام للمجلس الأوروبي، و«يوانيس كاسوليدس» وزير خارجية قبرص، والسيدة إيرينا بوكوفا، المديرة العامة لليونسكو.
ولفت مصدر «تشرين» في المديرية العامة للآثار والمتاحف إلى تفاعل المشاركين مع الجهود الاستثنائية التي قامت بها المديرية في الدفاع عن التراث السوري من أجل كل السوريين كهوية جامعة لهم في الدفاع عن ماضيهم وتاريخهم وهويتهم.
مشاركات عديدة ومداخلات ومحاضرات تضمنها المؤتمر تناولت المواضيع المتعلقة بالتنقيب غير المشروع والاستيراد والتصدير، وحيازة وبيع الممتلكات الثقافية، حيث إنها ترتبط غالباً بالجرائم المنظمة عبر الحدود، وأكدوا أن الاتجار غير المشروع بالتراث الثقافي يشكل اليوم مصدراً لتمويل الإرهابيين، ومن المهم الأخذ في الحسبان الضرر الكبير الذي أصاب تاريخنا المشترك، وهويتنا الوطنية نتيجة تدمير التراث الثقافي، كما أن حماية الممتلكات الثقافية قضية متداخلة تتطلب تنسيق الأفكار ما بين الممثلين المحليين، والوطنيين، والإقليميين، والعالميين، بحسب قولهم.
ويعد هذا المؤتمر، حسبما رأى المشاركون، خطوة مهمة في بحث أفكار المبادرة من أجل خلق التعاون، وتطوير الكفاءات لحماية الممتلكات الثقافية من التدمير الجائر، ومحاربة الاتجار غير المشروع بالمنتجات الثقافية، ولاسيما أن تنظيم «داعش» الإرهابي قام بسرقة التراث الثقافي في سورية والعراق، وقام بالتدمير المقصود للمواقع الأثرية المهمة، إضافة إلى تحقيق عائدات مالية من خلال بيع التحف الأثرية القيمة.
"تشرين"