الحكومة.. مراجعة ... ونظرة مستقبلية

صاحبة الجلالة _المصرفي أنس الفيومي

بنظرة واقعية للمرحلة السابقة منذ منتصف عام 2016 اي الفترة التي تقلدت فيها حكومة خميس السلطة التنفيذية ... لم تكن الظروف المحلية أو الدولية تساعد الفريق الوزاري على قيادة دفة البلد كما تشتهي أو كما صرحت بذلك منذ بداية عملها ... حين تصدر المشهد العديد من التصريحات النارية التي بثت روح من الطمأنينة الشعبية ساعد في ذلك الشعبية التي كان يتمتع بها خميس في أداء وزارة الكهرباء إلى حد ما ... سرعان ما بدأت تلك النيران تخمد مع تتالي الأشهر والسنوات دون حصول المواطن على الحد الأدنى من تلك الوعود بل على العكس من ذلك بدأت الأمور تسوء أكثر وأكثر ... بذلك أصبحت التصريحات مثار تندر بين الناس ... التندر الممزوج مع الالم المعاشي اليومي ...

فالحكومة فعلا هي حكومة الفقراء لكن من خلال زيادة عددهم والبون الشاسع بين الدخل والمصروف ... والمواطن فعلا أصبح البوصلة والهدف لكن من خلال القرارات التي قيدت تصرفاته واستنزفت دخله القليل ورفع أجور الخدمات العامة والضرائب والرسوم غير المباشرة التي أثقلت كاهله ...

من مراجعة سريعة لعمل الحكومة كانت هناك بعض الأخطاء التي أوصلت الحال إلى ما هي عليه بالوقت الحالي ...

أولها وأهمها ... تناسق الفريق الحكومي بجناحيه الخدمي والاقتصادي ... واختلاف مفاعيل القرار الإداري بين جهة و أخرى وتأثيره على فئة معينة دون غيرها ... مما أضعف هيبة تلك المؤسسات وأتاح للبعض استغلال تلك التناقضات لتمرير مصالح شخصية على حساب مفهوم الخدمة العامة ولاسيما في ظرف يحتاج المواطن فيه إلى من يشعره بالاهتمام لا بالإهانة ووضعه في مواقف بشعر فيها بضعف الانتماء الوطني ...

ثانياً ... تداخل السلطات عبر تدخل السلطة التنفيذية بعمل السلطة القضائيه واستقلالها والتأثير على السلطة التشريعية الممثلة بمجلس الشعب ولعل السنوات السابقة هي أكتر السنوات التي مرت على سورية من ناحية استخفاف المواطنين بأداء مجلس الشعب وعدم القناعة بتمثيلهم تحت قبته فيما عدم قيام القضاء بدوره على الشكل الأمثل عزز هذا الشعور لدى المواطن ...

ثالثا ... أحببت أن أفرد بشكل خاص لدور السلطة الرابعة الإعلام والصحافة بند خاص ... المكاشفة و الإضاءة على مفاصل الخلل في عمل الجهات التنفيذية يكاد يكون بحدوده الدنيا تحت وطأة الخوف من المحاسبة مما أفقد جزء كبير من مصداقية الإعلام الوطني بعد أن شهد مرحلة تعافي مقبولة بين أعوام 2014 و 2016

رابعاً .. لم يكن بعض الوزراء موفقين في أداء عملهم من ناحية اتخاذ القرار ومسؤولية اتخاذه وأحيانا كثيرة عدم الجرأة على اتخاذه ... مما أتاح الفرصة للشك بأن هناك وزارة خارج وزارة أو ما يعرف باسم حكومة ظل تدير عمل الوزارات عن بعد ...

خامساً ... صم الٱذان عن سماع أراء ومقترحات خبرات محلية اقتصادية واجتماعية والمضي قدما بقرارات لو كان تأثيرها السلبي أكثر من الإيجابي ...

سادساً ... بالمطلق إدارة الدفة المالية بالفريق الحكومي كانت هي الأسوء بتاريخ سورية الحديث والمعاصر وتناقضات الأرقام وأخطاء الموازنات كثيرة جدا ... يكفي مراجعة ما كتب عنها خلال الفترة السابقة ...

النظرة المستقبلية ... و الأمنيات ...
بعيدا عن ما هو مطلوب من كل وزارة من الوزارات في المرحلة القادمة فمهام كل منها معروف و يعتبر صلب عملها ... فالأمنيات تنصب على مايلي :

أولاً ... انسجام العمل بين الفريق الحكومي القادم ودراسة كل قرار لاحق بكل أبعاده وتأثيراته على عمل الجهات الأخرى وسلبياته وايجابياته على المواطن ...
ثانيا ... إعادة مفهوم فصل السلطات بكل مقوماته واحترام الجسد القضائي وإعادة هيبته دون تدخل من أي جهة .. مع مراقبة عمله ومعافاته من ما أصابه من ضعف ...
ثالثا ... الجرأة والقدرة على اتخاذ القرار من قبل المسؤولين و متابعته بما يحقق الخدمة العامة كهدف رئيسي من أهداف السلطة التنفيذية ...
رابعا ... إن يتصدر الإعلام الحر الشفاف الصادق المكاشف المشهد لأنه هو صلة الوصل الحقيقية بين هموم المواطنين والمسؤولين ...
هي أمنيات أرجو أن ترتقي لمسار عمل مستقبلي للوطن الذي يحلم به الصغير والكبير في وطننا ...