السوريون بين ارتفاع الأسعار وبدائل قليلة ودخل محدود
كتب أحمد يوسف:
فرضت ظروف ارتفاع أسعار السلع والخدمات، وعدم توازن العرض والطلب على بعض التشكيلات السلعية في الأسواق المحلية، نوعا من تغير العادات الاستهلاكية لدى السوريين ترشيدا أو إلغاء، سيما مع تراجع القوة الشرائية للمستهلكين، خاصة عندما يتعلق الأمر بالسلع الأساسية /قصيرة الأجل/.
ويلحظ المراقب لحركة البيع والشراء في سوق باب سريجة، أشهر الأسواق الدمشقية وأكثرها شعبية، تغيرا نسبيا في عادات الاستهلاك سواء لجهة الكم عبر تقليل متوسط كمية المواد الغذائية التي يشتريها المستهلك، أم لجهة النوع عبر سحب مواد بديلة عن المادة الأساسية، قد تكون أقل جودة وتركيزا.
ويقول محمد الصباغ، أحد باعة اللحوم في السوق، إنه ونتيجة لارتفاع الأسعار، لجأ بعض الزبائن لتقليل كمية اللحوم المشتراة إلى حوالى نصف كغ أسبوعيا، بعد أن كانت تتجاوز الكغ الواحد، فيما لجأ البعض الأخر إلى الابتعاد عن اللحوم البلدية إلى نظيرتها المستوردة والمجمدة، والبعض الثالث إلى الاستعاضة عن اللحوم الطازجة بالمعلبات.
وبدأ محمد الأحمد الموظف في القطاع العام خلال شهر رمضان المبارك بالاعتماد مساحيق الشراب بنكهاتها المختلفة، بعد أن عجز عن دفع قيمة شراب القمر الدين والتوت الشامي الطبيعيين، مبينا أنه اضطر لإيجاد عديد البدائل التي تتلاءم وميزانية الأسرة، وتضمن لها حدودا معقولة من التغذية.
وتجتهد ميساء محمد ربة بيت، فيما يحلو لها أن تطلق عليه /الإبداع في فنون الاقتصاد المنزلي/ عبر البحث الدائم في ترشيد النفقات، مع ضمان استمرارية الخدمة التي تقدمها لأفراد أسرتها الستة، فهي تصنع بعض أطباق الحلويات اعتمادا على مواد بسيطة، بدلا من شرائها من السوق بعد أن وصل سعرها إلى حدود غير مسبوقة.
وتسرد محمد قصصا لجارات وصديقات لجأن إلى طرق مبتكرة للحد من الاستهلاك، وضبط النفقات، ومن ذلك تقليل عدد مرات الغسيل، والاعتماد على مساحيق وعبوات اقتصادية، وتصنيع بعض أنواع الصابون من مخلفات الزيوت، فضلا عن تصنيع بعض مواد المؤونة والمخللات والمربيات، حيث يحقق هذه التصنيع وفرا ملحوظا قياسا مع أسعار هذه المواد في الأسواق.
ولا يميل رئيس لجنة الأسعار والأسواق في جمعية حماية المستهلك محمد بسام درويش إلى اعتبار تغير العادات الاستهلاكية ظاهرة ملموسة، وإن كانت ظلالها في الأسواق موجودة، وذلك انطلاقا من أن الأسرة لا تستطيع تغيير هذه العادات دوما، لأن ثمة احتياجات أساسية، وبالتالي فإن التغيير يطال عادة السلع الأقل احتياجا وطلبا.
ويلفت درويش إلى أن المستهلك الرشيد يستطيع التفكير في بدائل أكثر وفرا وصحة مدللا على ذلك بهبوط أسعار البرتقال للموسم الفائت إلى ما دون الستين ليرة في بعض الأحيان، وبالتالي فإن ثمن علبة مشروبات غازية /حجم عائلي/ قد يشتري بين /6/7/ كغ من إحدى هاتين المادتين الطبيعيتين، فلماذا يلجأ إلى مساحيق المشروبات والمواد الحافظة.
وتجاوبت إدارات التسويق والمبيعات في الشركات خلال السنوات الأخيرة مع احتياجات المستهلكين، التي أصبحت أكثر ميلا إلى الشراء بالقطعة بدلا من الدزينة، وشراء وحدات صغيرة من السلعة نفسها، كما هو الحال مع ظرف الشاي او القهوة أو المعلبات الصغيرة، لا بل لجأت بعض محال بيع الخضار والفواكه إلى البيع بالقطع والحبة، سيما لبعض السلع المرتفعة، وساعدها على ذلك انتشار الميزان الالكتروني الذي يؤشر الوزن والسعر معا.