بعد سبعة أشهر على بدء مشروعها وسط انتقادات مجتمعية سهير أبو حمدان تنجح بمغسلها المتكامل لغسيل السيارات المخصص للنساء
#صاحبة_الجلالة _ضياء صحناوي
بعد عشر سنوات من التخطيط، نجحت سهير أبو حمدان بتحقيق حلمها في إنشاء مغسل متكامل للسيارات مخصص للنساء؛ بدعم غير محدود من زوجها الموظف المتقاعد بيان النمر، الذي اشترك بكل تفصيل، حتى كان المشروع كما هو عليه اليوم، مقدماً خدمة محترمة للزبائن، وبنفس الوقت يشغل اليد العاملة برواتب جيدة.
المشروع الذي حرص الزوجان على أن يكون متكاملاً، بني خطوة خطوة، وبدأت ثماره تنضج بعد سبع شهور من الإقلاع، وساهمت وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي بنجاحه بصورة كبيرة، نظراً للدعم الذي تلقاه الزوجان اللذان حرصا على كل قرش كي يكتمل كما تخيلاه.
تقول الموظفة في اتحاد الفلاحين في السويداء سهير أبو حمدان: «بدأ المشروع على قطعة أرض نملكها غربي مدينة السويداء، حيث بنى زوجي المتقاعد من وظيفته مغسلاً للعموم ضمن الإمكانيات المادية المتوفرة لنا، وكل عام كان يزيد عليه قليلاً من الأرباح المتوفرة، والتي يؤمنها أحياناً بستان التفاح الصغير الذي نملكه في ظهر الجبل. كنا نخطط لكي لا نقع في الدين نهائياً، ونربي أبنائنا بنفس الوقت تربية صالحة؛ لا يحتاجون خلال هذه السنوات شيئاً. كانت فكرة تقسيم المحطة إلى فرعين مبتكرة، ولكنها تحتاج إلى الكثير من المال، وبدأنا معتمدين على غرابة الفكرة في سورية، وفي السويداء التي تمتلك فيها السيدات رصيداً كبيراً من الثقة بالنفس، والانفتاح على كل جديد. وهناك كم كبير منهن يقدن السيارات. وهكذا بدأنا قبل سبعة أشهر بجذب الزبائن السيدات فقط إلى المغسل الخاص بهن، وكانت الخدمة من قبل عاملات حاولنا اختيارهن بعناية، وتدريبهن على العمل الذي لا يعرفن عنه شيئاً، ولكنهن أثبتن قدرة هائلة على التعلم، ونجحنا في فرض وجودنا بقوة».
كانت فترة التجريب مهمة جداً، حيث خضعت العاملات لدورة قاسية مدة شهر على يد متخصص بغسيل السيارات وتبديل الزيت، وعيار الهواء لإطارات السيارات. وحاول الزوجان توفير كل ما يمكن تأمينه لكي يسهل العمل، فكانت جورة تبديل الزيت تحتاج لفتاة مدربة، فاستعاضا عن ذلك بجلب آلة حديثة تعمل دون الحاجة لكي تنزل الفتاة في الجورة، وعليها الإشراف من الخارج فقط، «لا أنكر أن قوة زند الشباب عامل مساعد أكثر من زند الفتاة، ولهذا لا بد من توفير أدوات مساعدة للفتيات حتى يستطعن الاستمرار لساعات طويلة من العمل المجهد. لكن بالمقابل فإن النتيجة المادية لهن كبيرة، فالراتب جيد، والزبائن كرماء مع العاملات» كما قالت أبو حمدان.
وعلى الرغم من أن المغسل النسائي لا يضم سوى ثلاثة عاملات، إلا أن الزبائن القادمات خصيصاً كن مسرورات جداً من النتائج، حيث خصص الزوجان غرفة علوية في المغسل، تستطيع صاحبة السيارة من خلالها الاستراحة، وشرب فنجان من القهوة، ورؤية الفتيات وهن يعملن، ما يؤمن عامل المصداقية والثقة مع السيدات.
ولا يتوقف طموح أبو حمدان عند ذلك، فهي تسعى لكي ترفد المشحم والمغسل بفتيات يتقن أعمال الميكانيك وكهرباء السيارات. «ولما لا»، تقول أبو حمدان، فكل شيء جاهز ليكون المكان متكاملاً، وأبحث الآن عن عاملتين أو ثلاثة لكي يكون المغسل كما يجب أن يكون.
وكتقليد للحالة التي وصلت إليها سهير أبو حمدان مع عاملات المغسل، قامت بشراء قلائد يدوية الصنع من سيدة تعمل على تحسين ظروفها المادية، وقامت بإهداء كل زبونة جديدة واحدة منها كتذكار منها ومن العاملات في المشروع، وهو مساعدة لامرأة أخرى تحاول العمل، وكسب قوتها بكرامة، وتصرف على ابنها في الجامعة.
وعلى الجانب الآخر، وجد بعض الرجال في خطوة النمر وزوجته عملاً غير لائق، ويجب إيقافه، فهو مهين للمرأة من وجهة نظرهم، وقد حاول بيان النمر تعريف المنتقدين للعمل، وتوضيحه بكل الوسائل، ولكنه في النهاية لم يكترث لهم، وأهملهم حتى اكتشفوا بأنفسهم.
ويلفت بيان النمر إن الإعلام كان إيجابياً معهم، والقلة من المتابعين على وسائل التواصل الاجتماعي انتقد عملهم، وقد شكل لهم ذلك في البداية إزعاجاً كبيراً، لكنهم وجدوا في رد فعل المجتمع المحلي، والمتابعين حول العالم دعماً كبيراً لا يستهان به، وقد وجهوا الدعوة لكل الناس بزيارة المغسل، والاطلاع عن قرب، فعمل المرأة محترم جداً، وكل من شاهد العاملات أثنى عليهن، وعلى نضالهن في سبيل حياة كريمة لائقة.
تقول السيدة إيناس سلوم: «النساء في السويداء عملن بكافة الأعمال الممكنة، ومنهن من اشتغلت كسائقة للنقل العام من أجل أن تؤمن حياة كريمة لأسرتها، والمشروع الذي أسسته هذه العائلة مهم جداً وخلاق، وقد وجدتها فرصة لكي أشاهد عن قرب فتيات مجدات يقمن بهذا العمل، وسعدت من أجلهن كثيراً، فهن كالرجال يتقن العمل بشكل كامل. فهل أجمل من أن ترى الجنس اللطيف في أي مشروع محترم وناجح».