قمر الزمان علوش يكتب..لم أذهب إلى النوم منذ 40 عاما إلا وأنا أكره حكومة بلادي
نشر الكاتب والمؤلف قمر الزمان علوش على صفحته على الفيسبوك رؤيته عن الحكومات وأعضاء مجلس الشعب وعلاقتهم بالمواطنين والحرب التي تشهدها البلاد .
ونوردها كما جاءت :
طابت أوقاتكم أصدقائي الأعزاء .
اشتقت إليكم !! وها أنذا أعود اليكم في وقت مستقطع بعد غيبة أشهر قليلة قضيتها في كتابة عدد من الأفلام السينمائية والتلفزيونية..لم انقطع عن قراءة منشوراتكم وكتاباتكم خلال تلك الفترة لكنني لم أشارك فيها لعدم توفر الوقت ولأن تلك الكتابات كانت تقول كل ما كنت أفكر به وأرغب في قوله .
لكنني هنا أود أن اتوقف عند عدة موضوعات أثارت اهتمامي وفي مقدمتها مذكرة السيد وزير العدل الذي يبدي فيها استعداده لاجتثاث الحريات الصحفية على ضيقها الشديد ,امتثالا لتوجيهات الحكومة وحفاظا على هيبة الدولة .. أود أن أضيف شيئا وأقول :
إنها حقا مذكرة غريبة وغير مسبوقة ..مذكرة مخالفة أصلا للدستور وتعلن صراحة عن عزمها على تحويل وزارة العدل إلى جهاز أمني لقمع الحريات بدلا من أن يكون هاجسها تحقيق العدالة والأمن الاجتماعيين بين الناس .. ودع عنك هذا فإن اي كلام ناقد وجارح آخر يصدر عن أي كان لا يمكن أن يوازي في تأثيره السلبي ما حققته هذه المذكرة في النيل من هيبة الدولة وتشويهها .إنها تعني شيئا واحدا :إن دولة معزولة في جزر أمنية وخلف حواجز أسمنتية عندما تضطر إلى التّحصينات القانونية لضمان بقائها هي في مأزق وفي طريقها إلى أن تصبح دولة فاشلة لا يمكن الوثوق بها..
أنا شخصيا منذ أربعين عاما لم أذهب إلى النوم إلا وأنا أكره حكومة بلادي ..هذه الكراهية هي التي قادت الكثير من السوريين إلى كراهية قاتلة ضد الآخر وأشعلت حربا مروعة لا مثيل لها في التاريخ .
وحتى الآن ..أنا لا أعرف احدا يثق بأحد من أعضاء الحكومة .لا أعرف احدا يثق بأحد من أعضاء القيادة القطرية للحزب الحاكم .لا أعرف أحدا يثق بأحد من اعضاء مجلس الشعب .لا اعرف احدا يثق باحد من المحافظين أو المديرين العامين .. وهكذا الى نهاية السلسلة..هذه هي سورية إذا:دولة بلا وطن وشعب منسي.
ولمن يسأل: لماذا أنت مع الدولة إذا؟ لماذا انحزت إلى خندقها في هذه الحرب ؟.
سيأتيه الجواب بأسرع من البرق: لأن دولة ظالمة وفاسدة ومنعدمة الكفاءة أفضل من دويلات العنف والفوضى الدموية الشاملة. دولة باقية ولو على شكل هيكل أفضل من نصب تذكاري لدولة زائلة ممحوة من الخارطة. دولة ركام وأنقاض يرفع فوقها العلم الأحمر والأبيض والأسود بنجمتيه الخضراوتين ويحرسها جندي سوري واحد أفضل عندي من أن يقتلعني حمقى العالم من جذوري ويلقون بي خارج الجغرافيا والتاريخ .. بعبارة أخرى لا بديل عندي يمكن ان يحل محل هوية الدولة السورية التي عشت في كنفها سبعين عاما بعلمها ونسرها السوري وختمها الرسمي على بطاقتي الشخصية وجواز سفري.
لقد أخطأ السيد وزير العدل والسيدة حكومته. وأظن أنهما أساءا لهيبة الدولة أكثر من أي أحد آخر. ففي الوقت الذي يقاسي فيه الناس ألف ميتة وميتة, ويغوصون في متاهات المجهول وضمور الأمل في النفوس. يأتي من يريد أن يفقدهم آخر قطرة ثقة بالمستقبل ويسلب منهم كل نتفة أمل.. هذا يدفع بالإنسان السوري إلى أن يكون مواطنا سلبياً يعاني من القرف السياسي فيبدل ولاءه لسلطة المال بدلاً من الدولة التي خيبت آماله.هنا تكمن الخطورة أن يتم تحويلنا إلى عبيد لسلطة المال بدلاً من أن نكون مواطنين في دولة لها حاضر وماض ومستقبل.