نبيه برجي يكتب.. الشقيقة.. والشقيق الشقي

نبيه برجي يكتب.. الشقيقة.. والشقيق الشقي   صاحبة الجلالة – متابعة نشر الكاتب و الصحفي نبيه البرجي على صفحته الشخصية على موقع فيسبوك مايلي:    لن نقول (أم نقول ؟) مثل سعيد تقي الدين ان الواو بين لبنان وسوريا هي واو كافرة ؟ لا أحد يدّعي أن النظام في سوريا نظام مقدس . على الأقل نأخذ بالاعتبار التداعيات الدراماتيكية لصراع القوى الأقليمية, والقوى الدولية , على سوريا حتى منذ ما قبل حصولها على الاستقلال . مثلما لم يكن عندنا من يتقبل قيام دولة لبنان الكبير (حتى أن غورو فكر بالفيدرالية بين لبنان والدويلات السورية التي اصطنعها) , يوجد عندهم من لم يتقبل هذه الصيغة ايضاً . في أحيان كثيرة , كان المزاج الشخصي يحكم العلاقات . خالد العظم (البيك الحمر) ألغى الاتفاقية الاقتصادية بين البلدين لأنه كان يكره رياض الصلح . أديب الشيشكلي هدد الرئيس كميل شمعون بهدّ قصر بيت الدين فوق رأسه اذا لم يطلق معتقلين سوريين متهمين بتنفيذ اغتيلات على الأرض اللبنانية . ألم ينضم الرئيس شمعون الى محمد رضا بهلوي ونوري السعيد وجلال بايار ضد سوريا ومصر؟ في نظر سوريين كثيرين لبنان "الشقيق الشقي" ـ الشيّق أيضاًـ احتاروا بين أن يكون هانوي , أي الجبهة الأمامية في وجه التسونامي الأميركي ـ الاسرائيلي , أو أن يكون هونغ كونغ , المنطقة الحرة أو البوابة المشرعة على أسواق الغرب ما دامت دمشق قد آثرت انتهاج فلسفة الاقتصاد الموجه , بلمسات اشتراكية حادة . لا فارق بين الشقيق الشقي والشقيق الشيّق . البلدان الأوروبية التي تعتبر الآن مثالاً للتعاون , والديمقراطية , والشفافية , عاشت سلسلة لا متناهية من الحروب الكارثية . أدولف هتلر احتل باريس , ولقد رأينا فرنسوا ميتران يدعو طائرات ألمانية للمشاركة في العيد الوطني عند قوس النصر في الشانزليزيه . أكثر من مرة قلنا ان تعامل بعض السوريين مع لبنان لم يكن تعامل الشقيقة مع الشقيق . ولكن , كيف تدار جمهورية كان نصفها في خندق ياسر عرفات ونصفها الآخر في خندق آرييل شارون ؟ الجمهورية المريضة . أجل , الجمهورية المريضة . ولكن هل أن رستم غزالة , بتلك البداوة الفظة , هو "النطاسي" البارع لمعالجتها ؟ لنتذكر كيف تعاطى اللبنانيون , بالأحرى نصفهم , مع الأزمة في سوريا , الا اذا صدقنا أن عقاب صقر (الذي عاد الى الضؤ بقوة) أقام في منطقة الحدود التركية ـ السورية من أجل تأمين الحليب لأطفال النازحين , ومستحضرات التجميل لنساء النازحين . أي كلام لم يقله ذلك الفريق اللبناني في النظام السوري ؟ اياهم لم يتفوهوا ببنت شفة , بل انهم تواطأوا ضد الحليف الأكبر , والممول الأكبر , الرئيس سعد الحريري , حينما أحتجز حيثما احتجز , وحينما أهين حيثما أهين , وحين أرغم على الاستقالة ليؤتى ببديل يقود البلاد الى الانفجار , وبأوامر من البلاط الذي أخذ بذلك السيناريو الغبي لثامر السبهان . بين نجوم الفريق اياه من قال "ليحكم الاخوان المسلمون" . أولئك الذين دعوا الى فرض الجزية على الأقباط , وعلى تسريح ضباطهم , وجنودهم , من الجيش . سيد قطب كان يحلم بأن تكون مصر خالية من "تلك الحثالة" . لا بل أن بين نجوم الفريق , وبعضهم مسيحيون , من مدوا اليد الى أبو محمد الجولاني اذا كنتم تتذكرون الزيارات الاحتفالية لعرسال حين كانت محتلة (وتبقى القلعة العروبية مهما تقلبت الأزمنة) , ومن مدوا اليد لأبو بكر البغدادي اذا كنتم تتذكرون تظاهرات طرابلس التي كان يتقدمها أصحاب اللحى المسننة . الآن , الآن , والصراع على سوريا لا يزال على أشده  (طائرات بنيامين نتنياهو ودبابات رجب طيب اردوغان) , يظهر على الساحة اللبنانية من يعمل لانشاء "لوبي" مضاد لـ"التدخل السوري" في لبنان . تدخل في ماذا ؟ في تشكيل الحكومة ؟ هل كانت دمشق موجودة حين امتدت أزمة التشكيل لفترة قياسية لدى تكليف الرئيس تمام سلام ؟ ثم لماذا تتدخل مادام لديها حلفاء , وأصدقاء , لا تعوزهم الامكانات اللازمة للتعاطي مع كل الملفات الحساسة . هذا اذا لم تشعر الطبقة السياسية أننا في الجمهورية ـ الفضيحة , في الجمهورية ـ المغارة . في الجمهورية التي تثير ذهول العالم بالفساد (الذي طاول حتى موضوع القمامة) . مستشار كبير في البنك الدولي تحدث عن ... أكلة لحوم البشر ! قطعاً , لم يعد يليق بأقطاب الكونسورتيوم الحاكم المصطلح الديغولي (وقد تبناه الرئيس فؤاد شهاب) "أكلة الجبنة" . أنظروا الى أسنانهم , والى قصورهم , والى ثرواتهم , والى مواكبهم , لتتبينوا أكلة ماذا هذا الطراز من الساسة . لاحاجة للأشعة ما تحت الحمراء لنرى اي وضع تواجهه سوريا , سوريا الشقيقة رغم كل شيء . بين الهاجس التوراتي لدى نتنياهو والهاجس العثماني لدى اردوغان . أي مصلحة للبنان أن يكون مع الاثنين ضد سوريا ؟ كلنا يعلم أي نظام بديل كان يمكن أن يقوم في سوريا . نظام البرابرة , بتداعياته الرهيبة على الفسيفساء اللبنانية . أصابع أكبر من أصابعنا بكثير احترقت فوق المسرح السوري . أين العرب هناك بعدما استخدمهم , واستنزفهم ,  نتنياهو واردوغان حتى الثمالة ؟ حلف لبناني ضد سوريا (يا للمهزلة حين يحكى عن التدخل السوري !) . نعلم من أين تأتي الأوامر . من أين يأتي ... الشر المستطير !!