فعاليّة «سورية تقرأ من أجل القدس» .. الحقيقة الأكثر وضوحاً اليوم هي أن سورية هي الحاضنة للقضية الفلسطينية
عامر فؤاد عامر
يعلم الغرب أن إفراغ الوطن من محتواه الثقافي هو الوسيلة الأكثر خبثاً لدمار الأجيال القادمة بقطع العلاقة بين الإنسان وجذوره وموطنه وموروثه وتقاليده وتاريخه، وهذا ما تكتنفه بواطن الأزمة والحرب على سورية. ومؤسسة القدس الدوليّة تعمل اليوم على توضيح هذه الفكرة بنشرها في فكر واعٍ وطرق تتناسب مع لغة الحاضر وهذا ما تكتنفه فعالية «سورية تقرأ من أجل القدس» التي أقيمت في المركز الثقافي العربي في السويداء والتي شارك فيها كلّ من. سفير جراد ممثل الفصائل الفلسطينيّة، والشيخ ياسر أبو فخر، وأ. فادي حديفة، والشاعر بشار أبو حمدان، والمؤرخ إبراهيم جوديّة، بإدارة من الرحالة الكاتب عدنان عزام عضو مجلس أمناء مؤسسة القدس.
العودة للأصول
عن أهمية هذه الفعاليّة ومسؤولية نشر الثقافة كسلاح مهم في وجه العدو الصهيوني، وفي ضرورة نشر وعي متجدد بين أبنائنا، يقول الرحالة عدنان عزام: «أعمل منذ أكثر من 40 عاماً على المشروع الفكري الغربي الصهيوني لاحتلال المنطقة والذي سموه المشروع الاستشراقي، وأنا أرد على هذا المشروع الاستشراقي بالمشروع الاستغرابي أي دراسة الغرب، على مبدأ لا يفل الحديد إلا الحديد، فلا نستطيع أن نجابه المشروع الفكري الغربي فقط بإطلاق الرصاص وبالصياح وبالجعجعة وبالخطابات السياسية النظرية الفارغة، ولا بد من العودة إلى أصل الأصول وإلى أساس العلوم وهو الفكر، فالرد على هذا المشروع هو بالفكر ولا يوجد فكر من دون قراءة ولهذا اخترت هذا المشروع والذي هو «سورية تقرأ من أجل القدس»، وسورية تقرأ من أجل التشبث بالهويّة، وسورية تقرأ من أجل العادات والتقاليد وفي كلّ مرّة نختار موضوعاً من أجل «سورية تقرأ»، لجعل جيل الشباب العريض الضائع هذه الأيام يعود إلى حضن الهويّة الوطنية والثوابت من خلال القراءة وبالتالي من خلال تكوين فكر منتم إلى الأرض والجغرافية والتاريخ وهذا هو محور لقاء هذا اليوم في محافظة السويداء لنقول للعالم أجمع إذا تاهوا فنحن لم نته، إذا ضاعوا فنحن لم نضع فنحن هنا ما زلنا متشبثين على الرغم من الإمكانات الضعيفة المتاحة ولكن سنبقى على رفع السقف إلى الأعلى كي لا يقال إننا تهنا أو إننا تخلينا عن القضية المركزية».
تلازم المسارين
عن أهمية الثقافة واللقاء بين دمشق والقدس وعلاقة الأجيال بها يقول سفير جراد: «لا شك وتحت عنوان سورية تقرأ من أجل القدس أحببنا أن نعمم ونقول بأن القراءة الحقيقية للشأن السياسي والاقتصادي والأمني في الداخل والخارج يعطينا تصوراً حقيقياً حول ماذا أريد بهذه البلاد أن يُفعل بها، فإسرائيل استطاعت بنجاح كبير أن تغيب القضية الفلسطينية وأن تغيب قضية المقدسيين وأن تغيب ثورة الأمعاء الخاوية في فلسطين وكثير من القضايا المفصلية في فلسطين فهذا التغييب غطت عنه بأحداث كارثية في عموم البلاد العربية ونحن من هذا المنبر نقول: إن فلسطين أولا والقدس أولاً وتلازم المسارين السوري والفلسطيني يعطي نتيجة أن إسرائيل تخيب في مسعاها وسوف تفشل في مقصدها ولذلك نقول من هذا المنبر: إننا أمام حقيقة واحدة هي أن سورية مازالت حاضنة لقضية فلسطين».
لوحة للرموز
قدم المؤرخ «إبراهيم جوديّة» لوحة لمؤسسة القدس الدوليّة حملت رموزاً بين شخصيات وطنية وأماكن حضارية بين القدس ودمشق تحمل معالم التاريخ المعاصر وعنها يقول: «في اللوحة صورة لقبة الصخرة رمزاً للقدس سيدة المدن وساحة الشهداء في دمشق التي ترمز لشهداء الوطن أجمع، أما الشخصيات الوطنية الرائدة التي حملت دروساً في الكفاح والنضال وهي القائد العام للثورة السورية الكبرى سلطان باشا الأطرش، وعباءته في المتحف الوطني وبقيت في المتحف الوطني إلى عام 1948 والمطران كبوجي وصورته هذه أثناء مرافقته لوفد الجمهورية العربية السورية في مؤتمر جنيف، وهو مقاوم وصامد رغم نفيه من سلطات الاحتلال، والشخصية الثالثة عز الدين القسام المجاهد المولود في جبلة وقائد أول ثورة عربية قومية، والشخصية الرابعة أمين الحسيني رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، وهنا أردت أن يكون تمازجاً بين كل هذه الرموز والعلاقة الجدلية بين القدس ودمشق».
الشعر حاضر
في مسك الختام قدّم الشاعر بشار أبو حمدان قصيدة مغناة بمرافقة الربابة أمام الجمهور وعن القدس ومشاركته في الفعاليّة يقول: «القدس باقية في القلوب وفي الضمير ونستذكر دائماً أقوال أجدادنا عندما قاموا الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي وهم يهزجون ويقولون: «يا فلسطين وإنت تعلّة جسدنا» بمعنى أن إصابة فلسطين هي إصابة لكلّ الجسد العربي، وأجدادنا نستنهض من أقوالهم الكثير من العبر فقد قال المرحوم المجاهد «حمد المغوش» في دمشق عندما دخلوا في صبيحة 30 أيلول 1918 ساحة المرجة ورفعوا العلم العربي فوق ساحتها فقال: «عرش المظالم انهدم والعزّ طبّ بلادنا
راحت عليكم يا عجم خوض المعالم دابنا
حنا حماتك يا علم بأرواحنا وأكبادنا
وبمراجعة الكثير من الحوادث التاريخيّة نجد العلاقة الوطيدة بين المدن العربية ومناشدة الوحدة العربي، ودائماً التراث مرتبط بالوحدة والعروبة والوطنية ففقدان الأمة لتراثها وتاريخها يعني فقدان القلب».
الوطن